يتألف المركب النعتيّ من اسمين: المنعوت والنعت، والعلاقة الإعرابية بينهما التبعية؛ إذ يتبع النعت المنعوت في إعرابه وتعريفه أو تنكيره على الأقل، وأما العلاقة الدلالية فمن البديهي أن يكون المنعوت من الأسماء ذات الصفات المتعددة التي تُذكر فتوضحه إن كان معرفة (مررت بزيدٍ العالمِ/ مررت بزيدٍ العالمِ أبوه) أو تخصّصه إن كان نكرة (مررت برجلٍ عالمٍ/ مررت برجلٍ عالمٍ أبوه)، ومن البديهيّ أيضًا أن يكون النعت وصفًا ذا معنى مفيد هو من صفات المنعوت أو سماته أو هو من صفات ما هو من سببه، وقد يكون النعت لغير التوضيح أو التخصيص، قال ابن هشام (أوضح المسالك، 3 :302) «فإن النعت قد يكون لمجرد المدح؛ ك{الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ}. أو لمجرَّدِ الذم، نحو: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم). أو للترحم، نحو: (اللهم أنا عبدك المسكين).أو للتوكيد؛ نحو{نَفْخَةٌ وَاحِدَةٌ}». وهذا الأمر واضح كل الوضوح؛ ولكن بعض النحويين يجابهوننا بأمر لا ينتهي منه العجب حين يعددون ما ينعت وما ينعت به، فيسمون من ذلك (اسم الإشارة)؛ فهو لديهم منعوت إن تلاه المشارُ إليه، وهو نعت إن تلا المشار إليه. عدّد ابن هشام الأشياء التي ينعت بها (أوضح المسالك، 3 :304) ومنها «الجامد المشبه للمشتق في المعنى، كاسم الإشارة»، وشرح المقصود بالشَّبَه بالمشتق فقال «تقول: (مررتُ بزيدٍ هذا)... لأن [لفظة (هذا)] معناها الحاضر»(أوضح المسالك، 3 :304)؛ ولكنّا نجد السيوطي في الهمع (3: 121) يقول: «وقال الكوفية والزجاج والسهيلي: ومنه؛ أي مما لا ينعت ولا ينعت به(الإشارة)؛ أما الثاني [لا يُنعت به] فلأنه جامد ولا يُتصوّر فيه الإضمار، وأما الأول [لا يُنعت] فلأن غالب ما يقع بعده جامد قال السهيلي: فالأولى جعله بيانًا وإن سماه سيبويه صفة فتسامح،كما سمى بذلك التوكيد والبيان في غير موضع، واختاره ابن مالك، وأكثر البصريين على أنه ينعت وينعت به نحو (بَل فَعَلَهُ كَبِيرُهُم هَذَا) [الأنبياء– 63] (أَرَءَيتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمتَ عَلَيَّ) [الإسراء– 62]». ويدرك المتأمل الحصيف أنّ لفظة (هذا) لا تتصف بشيء البتة،وإنما الصفات للمشار إليه صُرِّح بلفظه أم أجتزئ عنه بعهده عهدًا حضوريًّا أو ذِكريًّا أو ذِهنيًّا، وكذلك هي لا تحمل معنى من المعاني التي يمكن أن يتصف بها شخص أو شيء البتة؛ بل المعاني لما تُشير إليه من الصفات، ولذلك زعموا أنّ الجامد بعد اسم الإشارة بدل منه في مثل (جاء هذا الرجل)؛ لأنهم تحكّموا في جعل (هذا) فاعلًا، مع علمهم أن التوابع من الفضلات التي يمكن أن يَستغني عنها التركيب. وإن لم تصرح بالمشار إليه فلا معنى للجملة حتى يدرك المخاطب أنك تسند المجيء إلى رجل تشير إليه فيعهده بحضوره وتعينه بلفظ الإشارة، وأما لفظ الإشارة نفسه فليس فاعلًا ولا محل له من الإعراب. وكذلك ليس اسم الإشارة نعتًا في قولك (جاء الرجل هذا)؛ لأن هذا ليس فيه من المعاني سوى معنى الإشارة التي تعيّن المشار إليه ويفهم المخاطب النعت المستغنى عن التصريح به لعهده إياه بحضوره، فليست (هذا) تعني الحاضر كما قال ابن هشام بل تشير إلى الحاضر المشار إليه. ولأن اسم الإشارة لا وظيفة له غير الإشارة ولا محل له من الإعراب ألتزم رفع المشار إليه في النداء، قال خالد الأزهري (التصريح، 2: 228) «ونحو قولك: (يا هذا الرجلُ ويا هذه المرأةُ) إن كان المراد أوّلًا نداء الرجل والمرأة. وإنما أتيت باسم الإشارة وَصْلة لندائهما فيجب رفع نعتهما مراعاةً للضمّ المقدر في اسم الإشارة. وإنما لزم رفعهما؛ لأنهما المقصودان بالنداء، والمنادى المفرد لا ينصب». ومن هنا يتبين أن اسم الإشارة مبهم لا يتصف بشيء ينعت به ليوضحه، وليس فيه من المعنى ما يصلح معه أن يوضح غيره، فهو كالضمير لا ينعت ولا ينعت به.