قال عميد معهد الدراسات والبحوث الآسيوية بالقاهرة الدكتور عبدالحكيم الطحاوي إن زيارة الرئيس عبدالفتاح السيسي إلى المملكة العربية السعودية واللقاء بخادم الحرمين الشريفين يعد امتدادا طبيعيا للإستراتيجية التي تقوم عليها العلاقات السعودية المصرية، حيث إنه من الثوابت التاريخية. وأوضح الطحاوي في تصريح ل(الجزيرة) أنه كلما التقت الرياض مع القاهرة كان هناك التوافق العربي، فمنذ نشأة العلاقات السعودية المصرية في عهد الملك عبدالعزيز آل سعود واستقباله الحافل للملك فاروق عند زيارته للأراضي المقدسة في السعودية عام 1945 الذي قال عنه إنه يستقبل 20 مليون مصري في شخص الملك فاروق، وزيارته لمصر في العام التالي يناير 1946 والحفاوة الكبيرة التي قوبل بها من الحكومة المصرية وكل فئات الشعب المصري وضعت الأسس العميقة التي قامت عليها العلاقات السعودية المصرية التي تبعها وقفات تاريخية لعل من أبرزها موقف المملكة إبان العدوان الثلاثي على مصر عام 1956، عندما أعلنت دعمها الكامل وقطع علاقاتها مع الدول المعتدية خاصة بريطانيا، ووضعت كل إمكانياتها تحت تصرف القيادة المصرية. وأوضح الطحاوي أن كانت العلاقات تعرضت إلى هزة عبرت عن مدى الارتباط السعودي المصري في علاج القضايا العربية، وذلك عندما اختلفت توجهات القيادتين إبان التدخل المصري في اليمن عقب ثورته عام 1962، إلا أن ذلك لم يقطع التواصل الذي برز بشكل كبير عندما قامت إسرائيل بعدوانها على دول الجوار عام 1967، حيث وقف الملك فيصل في مؤتمر القمة العربي في الخرطوم ليعلن تقديم الدعم الكامل لمصر حتى تستطيع إعادة بناء جيشها وتزيل آثار العدوان وهو الدعم الذي قال عنه «إنه واجب وليس دعما هدفه استعادة كرامة الأمة العربية» وهو الموقف الذي تجلى أكثر عند نصر السادس من أكتوبر 1973، حيث قاد الملك فيصل حرب البترول إبان قيادة الرئيس السادات الحرب العسكرية لتبلغ العلاقات السعودية المصرية ذروتها وتضع الأمة العربية على الخريطة العالمية التي صنفت العرب في ذلك الوقت بأنهم القوى السادسة في العالم فكانت قمة التلاقي السعودي المصري الذي يذكرنا به موقف خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز من ثورة 30 يوليو عندما وقف ليكون أول قادة العالم الذين يدعمون الثورة المصرية، وكما قال: «أخرجت المصريين من ظلمات لا يعلم مداها إلا الله»، وقدم الدعم كافة للشعب المصري لتنجح ثورتهم وتواصل تقدمها لبناء مستقبل الأمة العربية، موضحاً أن دروس التاريخ تؤكد أن التلاقي السعودي المصري يؤدي إلى قيادة الأمة العربية بالكامل والوصول بها إلى بر الأمان وهو ما تحتاج إليه الأمة من لقاء الرئيس عبدالفتاح السيسي مع الملك عبدالله الأخير في جدة، وإذا كانت هناك موضوعات خاصة بين البلدين مثل ضرورة مواصلة الدعم السعودي لبناء الدولة المصرية إلا أنه هناك موضوعات أخرى مهمة على الساحة العربية تحتاج إلى كيفية علاجها من أبرزها العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني في غزة، وكذلك الأوضاع في العراق وسوريا، ناهيك عن ليبيا واليمن، وضرورة إيجاد محاولات للتوحد أمام التطلعات الإيرانية والتركية تجاه العالم العربي، كل ذلك يؤكد أهمية العلاقات السعودية المصرية في ضمان الإستراتيجية العربية المستقبلية ولتحقيق تطلعات وطموحات الشعب العربي بالكامل وليس في السعودية ومصر، بل إن النظرة العربية تقدر ذلك اللقاء، وبالتالي فالأمل كل الأمل في خروج النتائج التي تحقق هذه الآمال العربية في مستقبل عربي زاهر في وسط الأمواج العالمية التي تريد أن تعصف بالأمة العربية.