بعد إعلان هيئة السوق الماليَّة عن بدء تطبيق الإجراءات الخاصَّة بالشركات المدرجة أسهمها التي بلغت خسائرها المتراكمة أكثر من 50 في المئة لرأس المال اعتبارًا من بداية شهر يوليو الحالي، لاحظ الجميع في الأسبوع الماضي بدء التطبيق الفعلي لهذه الإجراءات مع إعلان شركتي بيشة والعالميَّة للتأمين لنتائجهما الماليَّة الفصلية وبلوغ نسبة الخسائر المتراكمة لرأس المال فيهما 128 في المئة و57 في المئة على التوالي، وهي نسب كفيلة بتطبيق هذه الإجراءات التي تمثِّل صورة غير مباشرة للسوق الموازية قبلنا بذلك أم لم نقبل. ما أودُّ التركيز عليه هنا هو تطبيق الإجراءات على الشركات التي تتجاوز خسائرها المتراكمة لنسبة 75 في المئة من رأس المال وتحديدًا مسألة «إلغاء الإدراج» التي لم أعد أفهمها في ظلِّ تضارب اللوائح مع بعضها البعض، فبحسب الإجراءات الجديدة فإنَّ «إلغاء الإدراج» يكون في حال: عدم إعداد خطة لتعديل الأوضاع خلال 90 يوماً تقويميًا إلى جانب انقضاء سنتين ماليتين دون خفض الخسائر عن 75 في المئة أو عدم تحقيق ربح تشغيلي نقدي في آخر سنة، وقد تبدو شروط الإلغاء هذه منطقية ومعقولة بهدف تنظيم السوق وحماية المستثمرين ولا يختلف أحد على ذلك. لكن عندما نتمعن قليلاً في قواعد التسجيل والإدراج وتحديدًا المادّة الخامسة والثلاثين المعنية بصلاحية تعليق الإدراج أو إلغائه، سنجد أن هذه المادّة تتحدث وبوضوح أنه في حال استمرار تعليق التداول مدة ستة أشهر من دون أن يتخذ المصدر أيّ إجراءات مناسبة لاستئناف التداول جاز للهيئة إلغاء الإدراج، مما يعني وجود تعارض في لوائح هيئة السوق الماليَّة في تفسير شروط إلغاء الإدراج في رأيي كان من المفترض معالجته (أو على الأقل توضيحه للعامة) قبل اعتماد الإجراءات الجديدة لتفادي أيّ التباس قد ينشأ مستقبلاً للإجابة عن السؤال المهم: كيف يتم إلغاء الإدراج؟ الأهم من كل ذلك، أننا في السنوات الأخيرة شهدنا عددًا من الشركات التي تَمَّ تعليق أسهمها لأكثر من 6 أشهر دون أن تتخذ هذه الشركات أيّ إجراءات مناسبة لاستئناف التداول بينما لم تجرؤ هيئة السوق الماليَّة على تطبيق المادّة الخامسة والثلاثين من قواعد التسجيل والإدراج ولو لمرة واحدة، ولذلك فأخشى ما أخشاه هو أن شروط إلغاء الإدراج المنصوص عليها في الإجراءات الجديدة للشركات الخاسرة لن يتم تطبيقها هي الأخرى مستقبلاً وأرجو أن أكون مخطئًا هذه المرة.