بات من شبه المؤكد أن تقرر الهيئة المستقلة للانتخابات التمديد في فترة التسجيل في قائمات المقترعين بشهر آخر على أقل تقدير خصوصاً أن عزوف التونسيين عن التسجيل لا تزال نسبة عالية جداً، بما يوحي بحصول مقاطعة خطيرة للانتخابات التشريعية التي حدد موعدها ليوم 26 أكتوبر القادم، فيما تنظم الرئاسية في دورتها الأولى يوم 23 نوفمبر 2014. ويعتقد المحللون السياسيون أنه لم يعد من خيار أمام الهيئة المستقلة للانتخابات التي تضاعف منتقدوها منذ انطلاق فترة التسجيل التي تنتهي رسمياً يوم 22 يوليو الجاري، إلا التمديد في فترة التسجيل والرضوخ بالتالي لطلب حركة نداء تونس، التي كان زعيمها هو من اقترح مبدأ التمديد دون المس من رزنامة المواعيد الانتخابية. وكان القيادي بالنداء محسن مرزوق عبر عن استنكار الحركة للفهم الخاطئ لمقترح السبسي وأوضح أن المبادرة تتعلق بتمكين التونسيين من الانتخاب بالاعتماد على بطاقة الهوية بما سيسمح لملايين المقترعين من القيام بواجبهم الانتخابي دون السقوط تحت ضغط الوقت خصوصاً أن شهر رمضان لهذا العام يتميز بارتفاع غير مسبوق في درجات الحرارة مما يعوق الناس عن التنقل إلى مكاتب التسجيل. مرزوق الذي سدد سهامه كالعادة لجهة حزبية منافسة ويعني بها حركة النهضة وإن لم يسمها، حيث اعتبر أن هناك محاولات لحرمان التونسيين من الانتخابات عبر التأكيد على عدم التمديد في فترة التسجيل، ملاحظاً أن الوضع الحالي لا يخدم سوى طرف سياسي وحيد. ويذكر أن حوالي 200 ألف ناخب فقط تولوا تسجيل أسمائهم في قائمات المقترعين بعد حوالي ثلاثة أسابيع من انطلاق العملية، وهو رقم دون المستوى المطلوب خصوصاً أن العدد الجملي للناخبين يقدر بحوالي 8 ملايين لم يستجب نصفهم لانتخابات 23 أكتوبر 2011 مما رجح كفة النهضة وجعلها تحصد أغلبية المقاعد بالمجلس التأسيسي. فعلى إيقاع مضطرب ومتوتر للغاية، تواصل الهيئة المستقلة الإعداد لتنظيم الاستحقاقات القادمة بالرغم من السهام الجارحة الموجهة لها على خلفية فشلها في حشد الملايين أمام مكاتب التسجيل إلى حد اليوم، إلا أن منتقدي الهيئة أبطال المشهد السياسي لم يكونوا في الموعد عندما دعتهم الهيئة إلى الحديث بكل صراحة عن مواطن الخلل في عملها والسبل الكفيلة بجذب التونسيين إلى مكاتب التسجيل قبل انتهاء مدته القانونية...فقد غاب كبار السياسيين وحضرت الأحزاب الصغيرة التي لم تبد معارضة شرسة لمبادرة نداء تونس وقائده الباجي قائد السبسي، فيما مارس الرؤساء الثلاث بعض الضغوطات «الصديقة» على رئيس الهيئة المستقلة للانتخابات في اتجاه التمديد ولو بأيام في فترة التسجيل. أمنيا، لا تزال الأوضاع داخل المحافظات التي سجلت مواجهات بين رجال الأمن ومجموعات من المنتمين إلى أنصار الشريعة المحظور خلال اليومين الماضيين في الشمال والجنوب، هشة وقابلة للاشتعال في أية لحظة بالرغم من السيطرة الكاملة للأمنيين على الميدان.. إلا أن خبراء الأمن الشامل يحذرون من إمكانية رد الفعل من طرف الجماعات المسلحة عبر تنفيذ عمليات نوعية تستند إلى سياسة استعراض القوة على الملأ. وفي هذا السياق، أكّد العميد المتقاعد من الجيش الوطني مختار بن نصر نائب رئيس المركز التونسي لدراسات الأمن الشامل، أن هذه التحركات تدخل في إطار ردّة فعل هذه المجموعات المتشدّدة والتي كان مسكوتاً عنها من قبل الأجهزة الأمنية على الرغم من تصنيف أنصار الشريعة كتنظيم إرهابي، وذلك عقب عمليات الجرد التي قامت بها وزارة الداخلية في علاقة بالعناصر الخطيرة وتكثيفها للعمل الميداني الذي كان يشكو بعض القصور في وقت سابق.