أكد صندوق التنمية الصناعية السعودي أن عوامل الجذب المتوفرة حالياً في المملكة لنجاح صناعة السيارات في المملكة عديدة وجيدة، وتبعث على التفاؤل بنجاح هذه الصناعة على الرغم من التحديات الكبيرة أمامها، خصوصاً في ظل المبادرات المطروحة من قِبل الدولة لتنويع قاعدة الاقتصاد الوطني ومصادر الدخل القومي. كما رأى الصندوق أهمية إيجاد جهة مختصة بتوطين صناعة السيارات في المملكة تكون مشتركة بين القطاعين العام والخاص، تعمل على تهيئة مكونات البنية التحتية الأساسية لهذه الصناعة، ووضع خطط ذات مهام وأهداف واضحة المعالم للأجهزة المعنية بقيام هذه الصناعة، بحيث يمكن قياسها ومتابعتها، والأهم من ذلك كله أن تكون الأهداف واقعية وقابلة للتطبيق. واستشهد في هذا الصدد بتاريخ صناعة البتروكيماويات في المملكة، مبيناً أن تجربة صناعة البتروكيماويات كانت محفوفة بالمخاطر والتحديات في بداياتها، لكن الإرادة والإدارة الناجحة للهيئة الملكية للجبيل وينبع والتي قامت بالتدرج في بناء هذه الصناعة، نقلت المملكة إلى مصاف الدول المتقدمة فيها في هذا المجال، مشيراً إلى أن الخبرة العملية وتجربة توطين صناعة البتروكيماويات تمنح التفاؤل بقدرة الاقتصاد السعودي على تكرار التجربة في صناعة السيارات. واستعرض «الصناعي» في تقريره السنوي للعام المالي 2013 الوضع الاقتصادي للمملكة واستمرار نموه بمعدلات جيدة وذلك بتضافر السياستين المالية والنقدية ومواصلة الإصلاحات الهيكلية والتنظيمية.. كما كشف عن مؤشرات أداء القطاع الصناعي المحلي والنشاط الإقراضي للصندوق ودوره الحيوي في التنمية الصناعية في شتى مناطق المملكة من خلال تقديم القروض متوسطة وطويلة الأجل للمشاريع الصناعية ومنحها الاستشارات المالية والتسويقية والفنية. كما تضمن التقرير استعراضاً لمستقبل صناعة السيارات في المملكة وأثرها على الاقتصاد المحلي، حيث طرحت الدولة العديد من المبادرات لتنويع قاعدة الاقتصاد الوطني ومصادر الدخل القومي، والتي منها التوجه الحالي نحو صناعة السيارات حيث تبنتها المملكة في خطتها التنموية التاسعة (2010 -2014) كإحدى ركائز برنامج التجمعات الصناعية، وذلك بهدف توطين هذه الصناعة كخيار إستراتيجي لتنويع مصادر الدخل، وتطوير هيكل الصناعة المحلية ورفع إنتاجية الاقتصاد السعودي بعيداً عن تقلبات أسعار النفط العالمية، وللمساهمة في تلبية جزء من الطلب المحلي، وتقليص حجم الاستنزاف المالي الناتج من الاستيراد، إضافة إلى نقل التقنية وإيجاد فرص العمل للمواطنين بمستويات أجور جيدة، ورفع القيمة المضافة للناتج المحلي. ولفت التقرير، إلى أن أهمية صناعة السيارات في المملكة تأتي للمساعدة في تنويع الهيكل الصناعي السعودي والذي يتسم بالتركيز على الصناعات الكيماوية حيث تُشكّل الاستثمارات فيها نحو 54 %، كما يعاني هيكل الصناعة والقطاع الخاص بشكل عام (باستثناء قطاع البتروكيماويات وبعض الصناعات الهندسية) من ضعفٍ في الإنتاجية نتيجة اعتماد معظم مؤسساته على تقنيات متدنية أو متوسطة المستوى، وتبعاً لمستوى الإنتاجية يأتي مستوى الأجور، لذلك نجد أن القطاع الخاص يواجه صعوبة في استقطاب الشباب السعودي الباحث عن فرص وظيفية. وأكد التقرير، أن المملكة تُعتبر حالياً مركز إعادة تصدير رئيس للسيارات وقطع الغيار في منطقة الشرق الأوسط، ويساعدها في ذلك موقعها الجغرافي المتميز، حيث بلغت قيمة إعادة التصدير للسيارات وقطع الغيار عام 2012 نحو 6 مليارات ريال، وبمعدل نمو سنوي قدره 13 % للفترة 2005 - 2012، وهو ما يُشكّل نواة لدخول منتجات صناعة السيارات السعودية لهذه الأسواق. كذلك أوضح تميز المملكة بقاعدة صناعية وبنية تحتية أكثر تطوراً من الدول المحيطة بها، وهو ما يُعتبر حافزاً مهماً لقيام صناعة السيارات في المملكة، إضافة إلى تجاربها في مجال صناعة المركبات وأجزائها مثل صناعة تجميع الحافلات وسيارات الإطفاء والإسعاف وعربات النظافة الهيدروليكية، والعديد من أجزاء وقطع غيار السيارات مثل صناعة الهياكل المعدنية للسيارات، صندوق التروس، فلاتر السيارات، الراديترات، العوادم، الإطارات، البطاريات، وزجاج السيارات وقطع الغيار الأخرى. وأضاف أنه يوجد في المملكة حالياً - بحسب بيانات وزارة التجارة والصناعة - أكثر من 251 مصنعاً عاملاً في مجال تجميع المركبات والصناعات الداعمة لها باستثمارات تبلغ نحو 7 مليارات ريال، وتوفر هذه المصانع فرص عمل لنحو 27 ألف عامل. وفي ذات السياق، يبلغ عدد المشاريع العاملة في مجال صناعة المركبات وأجزائها والمقترضة من صندوق التنمية الصناعية بنهاية عام 2012 ما يقارب 65 مشروعاً بحجم تمويل يبلغ نحو 1.5 مليار ريال. وأشار التقرير إلى أن المملكة استوردت في المتوسط نحو 679 ألف مركبة سنوياً في الفترة ما بين 2005 - 2012 وبمعدل نمو سنوي قدره 9.5 % - طبقاً لأرقام مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات -، وقد حقق استيراد المركبات رقماً مرتفعاً في عام 2012 حيث بلغ نحو 981 ألف مركبة بقيمة تصل إلى 77 مليار ريال، أي ما يعادل 13 % من إجمالي واردات المملكة في ذلك العام، وهو ما يجعل المملكة أكبر سوق استهلاكي للسيارات في الشرق الأوسط. ومما يعزز الثقة في استمرار معدلات نمو الطلب المرتفعة على السيارات في المملكة، النمو السكاني الكبير والذي يبلغ 3.7 % سنوياً وهو أعلى من المتوسطات العالمية، وكذلك القوة الشرائية الكبيرة، إضافة إلى التركيبة الشابة للمجتمع السعودي والذي تُشكِّل فيه فئة الشباب البالغة أعمارهم من 15- 24 ما نسبته 21 % من إجمالي السكان. أما فيما يخص الطلب الإقليمي، فإن مبيعات السيارات في منطقة الشرق الأوسط تنمو بمعدل 5.7 %، وتتمتع هذه الدول أيضاً بمعدل نمو سكاني مرتفع يصل إلى 2.3 %.