لبنان الذي يعيش بلا رئيس جمهورية منذ 25 أيار - مايو الماضي، يفشل برلمانه في انتخاب رئيس جديد خلفاً للرئيس ميشال سليمان، بسبب الخلافات السياسية العميقة بين مكوناته. وهذا ما يؤدي إلى خشية من أن يتحول انتخاب الرئيس اللبناني إلى عملية تسوية بين الدول تنسحب على لبنان. جريدة «الجزيرة» حملت هذا الموضوع وغيره من القضايا اللبنانية «الساخنة» إلى عضو كتلة المستقبل النائب كاظم الخير، الذي أكد على صعيد آخر أن العلاقات اللبنانية السعودية هي «نموذج يحتذى بين الدول العربية الشقيقة وبين سائر الدول الصديقة». وفيما يلي نص الحوار. * لبنان يعيش بلا رئيس جمهورية منذ 25 أيار - مايو الماضي. البرلمان مدعو لجلسة أخرى من الانتخاب في 9 حزيران- يونيو المقبل. هل ترون إمكانية لانتخابات هذه المرة، وكيف ترون إمكانية تخطي العوائق في هذا الصدد؟ - قدمت قوى 14 آذار النموذج الديمقراطي الحقيقي والصالح بالنسبة إلى استحقاق الرئاسة الأولى فقد تبنت ترشيح رئيس حزب القوات د. سمير جعجع الذي سبق له أن أعلن عن برنامج متكامل. شاركت 14 آذار في كل الجلسات التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي وقد شارك أيضاً نواب اللقاء الديمقراطي الذي رشح النائب هنري حلو وقام بواجبه أيضا من هذا القبيل كل من كتلة التنمية والتحرير والنواب المستقلين. إلا أن نواب حزب الله والتيار الوطني الحر وحلفائهم قاطعوا هذه الجلسات بعد ما كانوا صوتوا بورقة بيضاء ولم يعلنوا عن مرشحهم فتسببوا بتعطيل العملية الديمقراطية وأوقعوا لبنان في الشغور على مستوى الرئاسة الأولى. وقد تسبب هذا التعطيل بتقديم صورة سيئة عن اللبنانيين فظهروا عاجزين عن القيام بواجباتهم وإتمام الاستحقاقات الدستورية كأنهم يحتاجون مرة جديدة لوصاية أو لطرف خارجي يقرر عنهم ويختار لهم سياساتهم وحكامهم. ونحن نرى بكل وضوح وراحة ضمير أن الأكثرية الساحقة من 8 آذار وعلى رأسها حزب الله هي التي أوقعت لبنان في هذه المشكلة والتي أعادت الصورة غير البهية عن اللبنانيين والتي سحبت قرارهم من أيديهم لتعيدها إلى الأوصياء. وبعد، نجد أن العراقيل أمام انتخاب رئيس جديد للجمهورية تزداد لا بل تتكثف وتجعل الصورة ضبابية من هذا القبيل، الأمر الذي يدفع بنا إلى ترجيح أن يتكرر السيناريو نفسه في جلسة الانتخاب يوم الاثنين المقبل. * حزب الله والتيار الوطني الحر، يتهمان فريق 14 آذار بأنه ينزل إلى الجلسات ب»استعراضات انتخابية» لا تنوي الانتخاب، ويعتبران أن انتخاب رئيس، يجب أن يكون مستنداً إلى اتفاق على اسم الرئيس التوافقي، فيما 14 آذار تصر على ترشيح رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع. السؤال: هل سيبقى جعجع مرشحكم؟ هل يمكن أن ترشحوا غيره؟ - 14 آذار لم تقم باستعراضات أو عراضات انتخابية وكانت مقاطعة 8 آذار للجلسات الانتخابية خير دليل على جدية ترشيح د. جعجع وخوض 14 آذار للاستحقاق الرئاسي على حد سواء. وقد أكد جعجع أكثر من مرة على استعداده للانسحاب لصالح أي مرشح يتبنى مشروعه الانتخابي وتتبناه 14 آذار بالإجماع. ونؤكد هنا أن 14 آذار منفتحة على مختلف الشخصيات والأطراف للإسراع في انتخاب رئيس جديد وإخراج لبنان من المأزق السياسي الذي تسببت به المصالح الشخصية. * حوار تيار المستقبل مع التيار الوطني الحر صار معروفاً. أين أصبح هذا الحوار، ولماذا لا يصل إلى خواتيم سعيدة تفضي إلى الاتفاق على رئيس، وهل يمكن أن يتخطى الجنرال عون عقدة ترشحه شخصياً إلى الرئاسة؟ - تيار المستقبل منفتح على كل الأطراف انطلاقاً من البحث عن مصالح لبنان العليا ومن السعي لإيجاد حلول أو مخارج للمشاكل والعقد على مختلف الصعد. ويندرج الحوار مع التيار الوطني الحر من ضمن هذا الانفتاح الذي أثمر كثيراً خصوصاً تسهيل تشكيل الحكومة والاتفاق على بيانها الوزاري وإقرار عدد من القوانين وتوطيد الأمن والاستقرار واستعادة جزء من سلطة الدولة. ويبقى هذا الانفتاح ضرورياً، خصوصاً وأن لبنان مقبل على عدد من التحديات والمشاكل في طليعتها الإضرابات النقابية والعمالية. ونحن نتطلع إلى اتفاق بين المسيحيين في الاستحقاق الرئاسي للإسراع في إنهاء الشغور الذي ينذر بإيقاع الفراغ الدستوري والشلل السياسي والحكومي. * هل تعتقدون أن لبنان صار حكماً، منتظراً الحوار الإقليمي على الملفات الساخنة ومنها الرئاسة اللبنانية، لينعكس التفاهمُ الخارجي على انتخاب الرئيس اللبناني؟ - مؤسف أن تعطيل الاستحقاق الرئاسي أدخل لبنان مرحلة انتظار التسويات الإقليمية كأن وضعنا الداخلي أدخل ثلاجة الانتظار ريثما تتضح معالم التفاهمات الخارجية الدولية والإقليمية. * بالنسبة للعلاقات اللبنانية السعودية، معروفة التقديمات السعودية الهائلة للبنان ومساعدته على أكثر من صعيد. كيف تقوّمون أولاً المساعدة بقيمة 3 مليارت دولار للجيش. وبصفتكم برلمانيين، كيف ستُصرف هذه المساعدة، وأين صارت على المستوى التنفيذي؟ - العلاقات اللبنانية السعودية نموذج يحتذى بين الدول العربية الشقيقة وبين سائر الدول الصديقة التي تحترم سيادة بعضها البعض وخصوصية كل منها والتي تقف إلى جانب بعضها البعض وتتآزر وتتساعد والتي ترفع لواء القضايا الوطنية والثنائية والعربية المشتركة. المملكة العربية السعودية وقفت إلى جانب لبنان وقدمت له المساعدات والدعم في مختلف المجالات وفي أصعب الظروف وأدق المراحل وقد وصلت العلاقات الأخوية إلى أبعد حدودها في كل مكان وزمان. ويعمل في المملكة مئات الآلاف من اللبنانيين ويمضي السعوديون أياماً وأياماً في الربوع اللبنانية وهم يجدون في لبنان راحتهم النفسية والسياحية ولهم استثماراتهم وإسهاماتهم الاقتصادية والاجتماعية على سائر الأراضي اللبنانية. وقد أثبتت المملكة بالقيادة الحكيمة لجلالة الملك عبدالله بن عبدالعزيز أنها لا تعمل إلا لدعم مشروع الدولة وتعزيز المؤسسات واستعادة السيادة اللبنانية بكل مقوماتها. ولعل مساعدة الجيش اللبناني بثلاثة مليارات دولار أكبر دليل على هذا الصعيد، إذ أصرت المملكة على الحؤول دون أي تدخل خارجي في الاستحقاق الرئاسي كذلك في سائر الشؤون اللبنانية وشجونها. هذه المساعدة هي أكبر هبة للجيش اللبناني منذ تأسيسه حتى اليوم وقد انطلقت خطوات تسليمها للمؤسسة العسكرية. وهنا لا يسعنا إلا أن نذكّر بما قام به الرئيس السابق ميشال سليمان على هذا الصعيد وهو أصلاً لم يبخل بأي مسعى أو موقف لدعم الدولة ومؤسساتها الأمر الذي أسهم في التقارب بينه وبين المملكة. * عودة السفير السعودي إلى لبنان علي عواض عسيري بعد أشهر من الغياب، كيف تقرأونها؟ وهل تسهل عودة السياح السعوديين وبالتالي الخليجيين؟ وهل أنتم راضون عن تنفيذ الخطة الأمنية، وهل ستصمد كثيراً؟ -إن عودة سعادة السفير علي عواض عسيري إلى بيروت مؤشر إيجابي جداً وعنصر أساسي في القول إن لبنان عاد واحة للأمن والاستقرار بالتالي ينبغي ألا يتأخر أشقاؤنا السعوديون، وكذلك من سائر الدول العربية في تمضية أشهر الصيف في لبنان، وهم أصلا سيكونون في وطنهم الثاني وسنكون نحن الضيوف. ونلمس اليوم إيجابيات التوافق الداخلي الذي ترك آثاره الإيجابية أمنياً وسياسياً ولعل استتباب الواقع في طرابلس من أبرز الأمثلة على ذلك. وقد أعاد نجاح الخطة الأمنية النفس الحيوي للرئة الشمالية انطلاقا من طرابلس. إلا أن هذه الإيجابيات لن تثمر شمالاً إلا إذا استكملت بخطط تنموية وتدابير سريعة إنقاذية. * كيف تنظرون إلى الوضع اللبناني هذا الصيف على المستوى السياحي والاقتصادي؟ -وصلت الضائقة إلى أقصاها وهددت الاقتصاد اللبناني بخطر الانهيار وكان للأزمة السورية أثرها السلبي المخيف على لبنان. وبعد استعادة الدولة دورها وبفعل رفع الغطاء عن بعض المخلين بالأمن هنا وهناك فإننا نراهن على استعادة النشاط السياحي والاستثماري والاقتصادي زخمه القوي بدءا من مطلع الصيف المقبل.