يحق لطلاب الثالث الثانوي أن يظهروا استياءهم لأنّ أمر قبولهم تتقاسمه ثلاث جهات: وزارة التربية والتعليم (المدارس)، الجامعات، المركز الوطني للقياس والتقويم في التعليم العالي. لابد للطالب أن يتخطّى هذه المراحل الثلاث للدخول إلى الجامعة ثم التخصص الذي يريده. كان الطالب يصل مباشرة إلى التخصص عبر درجات الثانوية العامة رغم شح الجامعات ونقصها، ومع افتتاح المزيد من الجامعات أصبح الوصول إلى التخصص من الأمور المستحيلة, تطول رحلة الطالب عبر نفق مظلم يبدأ من: المرحلة الأولى (الفرز الأول)، قامت وزارة التربية والتعليم بعدد من الإجراءات فألغت الاختبارات الموحّدة المركزية، ثم أدخلت نظام المعدل التراكمي لتصبح قيمة شهادة الثانوية 30% لدخول الجامعات . المرحلة الثانية (الفرز الثاني): اختبارات القياس فقد خصص لها 70% لاختباري القدرات 30% والتحصيلي 40%، بهذه النتائج يسمح للطالب الدخول للسنة التحضيرية وليس التخصص. المرحلة الثالثة (الفرز الثالث): السنة التحضيرية،حيث أوجدت الجامعات مرحلة منفصلة عن المرحلة الجامعية هي السنة التحضيرية بكلفة مالية عالية على خزينة الدولة تعمل على فرز الطلاب حسب المسارات: الصحي، العلوم الطبيعية، العلوم الإنسانية. هذا الفرز يمارس على الطالب رغم وجود (28) جامعة حكومية و (10) جامعات أهلية و (36) كلية أهلية، إضافة إلى برنامج خادم الحرمين الذي استوعب حتى الآن (150) ألف طالب وطالبة. وضعت الإجراءات قبل (10) سنوات عندما كانت المملكة تعاني من نقص الجامعات والكليات وندرة الابتعاث، لكن مع افتتاح الجامعات وبرنامج الابتعاث، فك الاختناق وأصبحت الإجراءات المطولة للوصول إلى التخصص غير مقبولة وغير عملية بالنسبة لمستقبل الطلاب، فإذا كان الأمر متعلقاً بالفرز والتصنيف، فإنّ جيلاً من الطلاب والطالبات (حُرم) من التخصص الذي يرغبه، وخسرنا طاقات من الموارد البشرية في تحقيق رغباتها, فبدلاً من أن يتم اختراع أساليب وإجراءات من وزارة التربية والجامعات تحد من وصول الطاقات الطلابية إلى مبتغاها من التخصصات, أليس من المناسب البحث عن الحلول دون خلق المزيد من التعقيدات , لكن وللأسف الشديد، مازالت تمارس نفس الأساليب في حرمان الطاقات الشابة من الوصول إلى التخصصات التي ترغبها في الطب والهندسة والصيدلية والحاسب والقانون وغيرها، عبر أسلوب الفرز الذي يحدد المقاعد مسبقاً، وهي مقاعد محدودة وقليلة جداً، ثم أخذ أعلى الدرجات. نحن في بلد بحاجة إلى استثمار جميع الطاقات، وبالتالي ما يناسب طلابنا هو التصنيف الذي يحدد الدرجة مسبقاً دون استثناء، ويتم توزيع الطلاب على الجامعات الحكومية والأهلية والكليات وعلى برامج الابتعاث، مع التوسع في تخصصات سوق العمل، أما ما يتبع من إجراءات حالية إنما هي تسكين وتسديد الفراغ، ولا يهم ضياع الجيل والطاقات وهدر الموارد البشرية والمالية.