قد يهب الله أحدنا الشعر أو الخط أو الرسم أو الكتابة، وقد تُبنى بها الأمم ويعلو شأنها وترتقي بالناس أو أذواقهم وأخلاقهم وتحافظ على مبادئهم ومُثلهم وقيمهم وثوابتهم حين يدرك من مُنحت له أنها أمانة ومسؤولية وأداة بناء ومنهل عطاء ومنبع ارتواء إلى جانب الإمتاع والبهجة ببث الجمال وتكريسه ونبذ القبح والشر وهدم القيم والثوابت وزرع الفتن وإزكاء وتأجيج نار العداوة والبغضاء بين الناس كثر أو قلّ عددهم. وإني لأعجب لبعض الشعراء الذين تنقصهم الحكمة ويجانبهم الصواب ويسلكون طريق الجهل بما يمكن أن يحدثه طرح لا مسؤول عن قضية شائكة يتوقف الحكيم والعالم إزاءها موقف الحيرة ومراجعة نفسه ألف مرة قبل أن يبت فيها بحكم قد لا يخدمها أو يزيد من (أوار) نارها. الكثير منا يعلم ويدرك ما للشعر من أثر إيجابي أو سلبي على قضية ما فكم من القبائل تناحرت واقتتلت بسبب بيت أو قصيدة قالها من لا يدرك أبعاد ما يفعل وقد يموت قائلها والحدث الذي قيلت فيه ويأتي من يبحثها لتتجدد الفتنة النائمة وتعود جذعة تُحرق الأخضر واليابس وقضي في ساعة على كل غصن وجذر محبة حية بين الناس.