بالأمس القريب فارقنا أحد الأحبة إلى الرفيق الأعلى، وله من الحب والاحترام والتقدير عند من يعرفه ومن لا يعرفه ما الله به عليم. رجل تتحدث عنه أعماله وأفعاله أياديه البيضاء التي مدّها سراً وجهراً. إنه الشيخ علي بن عبد الله بن مسفر آل جبل الأسمري. أخلاقه وأدبه ومعرفته وحكمته وصدقه وكرمه الحاتمي تتحدث عنه. كما أنه ممن له أيادٍ بيضاء في صنع المعروف وإصلاح ذات البين. ولم يأل جهداً في خدمة وطنه وعشائره ومعارفه في وطنه الحبيب. فقد ساهم في بناء المدارس والمساجد والمستشفيات، وإنشاء الجمعيات وإيصال بعض الخدمات إلى القرى البعيدة. ومنها - على سبيل المثال - نقل المياه وإيصالها إلى المنازل وحفر الآبار والاجتهاد في إيصال الخدمات مثل السفلتة والكهرباء وغيرها. وبناء المنازل والعمائر بالتقسيط المريح لكثير من أفراد قبائله، ويعلم الله أنني ممن شملتهم خدماته من غير منٍّ ولا أذى، وكثير من معارفه ذكر ذلك لي، إنه في الواقع رجل مواقف، ويعجز لساني عن وصفه أو شكره، كما أنني لا أخبئ سراً إن قلت بأن القلب يحزن والعين تدمع على صديق وأخ كبير عرفته في عز شبابه، وأنا في حينها صبي أدرس المرحلة المتوسطة في بللسمر، فكان نِعم الموجِّه، فقد كان مثلنا الأعلى، كنت أزور أخاه العميد مبروك آل مسفر في حينه فهو صديق حميم ويدرس كذلك معي في المرحلة المتوسطة. كان يسدي لنا النصائح ويحثنا على الجد والاجتهاد ويذكرنا بأمجاد الآباء والأجداد وأنه يجب علينا ألا نرضى ألا بنيل المعالي. بعد ذلك انقطعت عن المنطقة فترة طويلة خلال دراستي للمرحلة الثانوية والبكالوريوس في الرياض والماجستير والدكتوراه في أمريكا، ولكن بعد العودة وزيارة منطقة بللسمر، يعلم الله أنه قابلني بالترحاب وزارني في منزلي عدة مرات بهدف تقديم الواجب كما يقول - رحمه الله رحمة واسعة -، فكان أول من عزمني في بيته وأول من أخذني في رحلة جميلة إلى مناطق جميلة في المنطقة لم يسبق لي أن زرتها، فكانت من أجمل الذكريات التي لا تزال تحتفظ بها الذاكرة، وقد عرفني على بعض من أقاربه وأصدقائه، وشرفت بالتعرف عليهم فلا تزال هناك روابط مع بعضهم إلى هذه الساعة، كما أنه قدم لي خدمات شخصية وتوجيهات ودعم نفسي لا أنساه له أبداً والله على ما أقول شهيد. ولكنه ليس معي فحسب بل مع جميع معارفه كبيراً كان أم صغيراً، وأعلم بأن هذا المقال المتواضع في حق هامة عالية وقمة لا ينالها ولا يصل إليها إلا القليل من الرجال، أعلم بأن الكثير ممن احتكوا به وعملوا معه وعرفوه عن قرب سيشعرون بأنني لم أفِ الرجل حقه، ولكن أبا عبد الله انتقل إلى الرفيق الأعلى ولن يصله منا إلا الدعاء الصادق. فأسأل الله أن يرحمه ويحسن مثواه وأن يغفر ذنبه وأن يجعل قبره روضة من رياض الجنة، وأن يبدله داراً خيراً من داره وأهلاً خيراً من أهله. كما أنني أرسل التعازي إلى أبنائه عبد الله وحسين ومحمد وعمر وعبد العزيز وأخواتهم وزوجات المغفور له بإذن الله، كذلك أنقل التعازي إلى إخوانه عوضة ومبروك وسعد ومسفر ومحمد وشداد وجميع أسرة آل مسفر وقبيلة آل جبل من بللسمر و{إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.