في 277 صفحة من الحجم المتوسط صدر عن دار طوى كتاب (فلسفة المستقبل)، لمؤلفته الكاتبة السعودية هدى الدغفق، التي صاغت مادة كتابتها في أسئلة وتداخلات من خلال رصد نتاج ومؤلفات المفكرين المعنيين بالحوار، وقامت بإعداد مادة حوارها التي اختلفت طروحاتها ورؤاها وأهدافها بين مفكر وآخر، إذ جاءت اختيارات الدغفق للمفكرين مادة حوارها متنوعة الاختصاصات والاتجاهات والاهتمامات في اختلاف بعضها عن بعض يتحقق الثراء ويتنوع الحوار ويتحقق الغنى المعرفي، ويتميز مثلث الشخصيات الفكرية الوطن العربي عدداً من البلدان العربية من الجزائر ومصر والمغرب والخليج العربي ولبنان واليمن، من فئات عمرية مختلفة بين مفكرين شباب وغيرهم بغرض المواجهة بين الأجيال الفكرية ليتضح ما يغاير بين ثقافتي المشهد الفلسفي من مفكرين ومفكرات. واشتملت الحوارات على موضوعات تطرح إشكالاتها وقضاياها من جوانب متعددة: مثل الهوية وهيئة التلقي وواقع الفلسفة في المجتمع المحافظ والطائفية والفلسفة الرقمية والنسوية والشفرة الاجتماعية والخطاب الأيدلوجي. من زاوية أخرى يشير الكتاب إلى الحوار حول إسهام الفضاء الإلكتروني في خدمة قضايا الفكر والفلسفة، ويتطرق القيمة الوجودية والمعرفية مفاهيم وأفكار السوبر، تلك الأفكار تمتد من الحداثة إلى المعلوماتية وتتجه إلى المستقبليات. كما ناقشت مادة الكتاب من خلال مادته الحوارية مسألة الفلسفة من حيث علاقتها بالثورات وعلاقة التأويل بالتفكيك والقطيعة المعرفية إشكاليتي التعليم والتربية باعتبارهما أهم ركائز التنمية الحضارية والتداخل بين الافتراضي والمعرفي على الواقع وموضوع النسق. كتب المقدمة الأستاذ حمد الراشد شاملة لموضوعات كل متحاور وموجزة لمادته المطروحة خلال الحوار في هذا الكتاب، ومما ورد في المقدمة أثنت على مادة الكتاب: (حين تحاور عقلاً فكأنما تفتح كتاباً جديداً يحوي بين دفتيه تساؤلات وأفكاراً وموضوعات شتى، فما بالك إذا كان مثل هذا الحوار يتصل بتفكير وطرح فلسفي حول مسائل وإشكالات وقضايا احتلت جزءاً مهماً في الفلسفة قديماً وحديثاً، وشغلت حياة الناس عموماً وحياة المثقف والمفكر خصوصاً. نحن الآن وعبر الحوارات التي بين أيدي القراء الكرام نقوم بجولة من السياحة الفكرية الجادة والمتصلة بهموم الإنسان والفكر والحياة والمعرفة والمجتمعات، وفي تلك الجولة تنوع بديع يتناول المجرد والعياني والتحليل والواقع والنموذج. وكل تساؤل يتعامل معه عقل فريد بما يحمله من ثقافة ورؤى وأفكار وطرح، وهذا التعامل يشترك أحياناً مع هموم وتطلع الأستاذة هدى الدغفق والتي أعدت تلك التساؤلات بما فيها من إبداع واختلاف، ولكن يحدث فتق وانفجار ما بداخل كل تساؤل إلى إشكالات أخرى، فهو يحقق جانباً مما يدور في خلد معدة الحوار وما تتطلع إليه من هدف معرفي، ويحدث أن يمتد الطرح بسبب اختلاف العقول إلى زوايا وميادين تضيف على أبعاد التساؤل ما لا يحمله التساؤل ابتداء، وهذه ميزة التنزه في حدائق عقول مثمرة من بيئات وبلدان مختلفة، تحمل هذه العقول هماً فكرياً وطموحاً نحو مستقبل معرفي وتنموي وحضاري). الراشد باعتباره أحد مؤسسي الحلقة الفلسفية والمشرف عليها، ألمح من خلال المقدمة في سطور قليلة الى أهداف الحلقة الفلسفية والأهمية المرجوة لما تقوم به من أدوار قائلاً: ومن بين المشاركين عقول وأقلام سعودية حملت الهم الفكري والفلسفي كما أسهمت في تأسيس حلقة الرياض الفلسفية والتي دخلت عامها الخامس بانفتاح تدريجي مع مجتمعها الخاص لتقديم رسالة تنوير فلسفي مع إثراء الثقافة الفلسفية والفكر الفلسفي، وليس فقط هذا بل إن حلقة الرياض الفلسفية وضعت أهدافاً عدة، ومن ضمن ما تهدف إليه إبراز دور المرأة العربية والسعودية سواء بطرح ما يتعلق بالمرأة حقوقاً وثقافة وفكراً أو بمنح فرص المشاركة للمرأة، ومن أمثلة ذلك أن هدى الدغفق مؤلفة هذا الكتاب وبدافع ثقافي وتطلع فكري قد انضمت لحلقة الرياض الفلسفية وشاركت في فعاليات الحلقة حيث قدمت ورقة تناولت قصة المرأة والفلسفة. خاتمة تقديمه قال الراشد: (إن هذا الكتاب يشكل رحلة حوارية ممتعة صاغتها هدى الدغفق مثقفة ومبدعة وشاعرة مع طيف بديع من عقول مستنيرة ذات رسالة، وبقدر اختلافنا مع تلك العقول لا نملك إلا أن نعتز ونقدر ما وصلت إليه). الغلاف الخلفي للكتاب كتبته مؤلفته هدى الدغفق وعبرت من خلاله عن تقديرها للشخصيات الفكرية التي تجاوبت مع دعوة الحوار وشاركت في مسئولية لتأليف كتاب (فلسفة المستقبل). ونعرض بعض ما ورد في الغلاف الخلفي: (أن تتداخل في حوار بشخصية فكرية فلسفية فكأنك تعيد ترتيب مفكرتك الذهنية، حدث لي شيء من هذا مع متحاوري الأفاضل في كتاب (فلسفة المستقبل) الذين أضاءوا كثيراً من نواحي العتمة في رأسي، بل وأشعروني بضرورة إعادة قراءتي للوجود والكون والمشهد والهوية والإنسان ككل، فمن خلال قراءة نتاجاتهم الفكرية وتقصيها واستقرائها ومنهجيتها حتى المواجهة بهم في حوارات معمقة؛كنت أستقي كثيراً من الفوائد والأفكار التي تجعلني أضع تفكيري تحت مجهر التقييم والتقويم). يجدر ذكر أن من المتحاورين: الأستاذ عبدالله المطيري وشايع الوقيان وفهد الشقيران وطريف السليطي وعائشة الدرمكي وضياء الكعبي وحسن عجمي ومحمد وقيدي ومحمد شوقي الزين وعلي الديري هاني الصلوي وسمير أبوزيد.