تخطت الأرقام التجارية بين أفريقيا والصين مبلغ 200 مليار دولار خلال السنة الجارية، ما سمح بتعزيز المكانة التي تحتلّها الصين، منذ العام 2009، كأكبر شريكة تجارية للقارة الأفريقية. والملفت أنّ رقم المبيعات المذكور كان وضيعاً، ولا يتخطّى 10 مليارات دولار منذ أقل من 15 عاماً. بيد أنّ أفريقيا أصبحت قادرة، بصورة متزايدة، على اجتذاب المستثمرين الأجانب. وإن تخطّينا بنظرنا العلاقات التجارية، لرأينا أنّ المستثمرين يقصدون المستهلكين الأفريقيين بصورة متزايدة، ويرون فرص استثمار هائلة على الساحة المحلّية، ما يوفّر للشركات الأفريقية فرصة مميزة للارتقاء بمقامها على ساحة التنافسيّة العالميّة. وفي النهاية، من المعروف أنّ شركات ناجحة كثيرة في الصين انطلقت كشريكة محلّية في مشاريع مشتركة مع أطراف تشغيل يابانية أو غربية، قبل أن تتحوّل بنجاح من مرشدة سياحيّة محلية، إلى متنافسة تتصدّر الصناعات العالمية، علماً بأنّ متنفّسات مماثلة للفرص بدأت تظهر اليوم في أرجاء القارة الأفريقية. كيف يمكن للشركات الأفريقية أن تجمع رأس مال في الوقت المناسب؟ يكمن المفتاح في تحويل أولوياتها بعيداً على الأرباح القصيرة الأمد، والتوجّه نحو الاستقلالية على مدى أطول، من خلال استحداث ذاكرة مؤسسية وإنشاء تكامل يتمحور حول حاجات العملاء. -استحداث ذاكرة مؤسسية: تأتي أطراف التشغيل الأجنبية بإجراءات ونماذج تشغيل وثقافات مؤسسية. وكلما برع الشريك المحلي في تعديل أفضل الممارسات المذكورة (وتكييفها) لتتناسب مع الداخل، زاد احتمال تحقيقه النجاح بمفرده. -التوق إلى التكامل: من خلال التوجّه نحو سلسلة قيمة أوسع نطاقاً، يفيد الشركاء المحليون للسوق الخارجي، وأهم من ذلك لمدرائهم وموظفيهم بأنّهم يريدون أن يكونوا من القادة، وليس من التابعين. ويساعد ذلك على إنجاز عملية اختيار ذاتية في أوساط المستثمرين والموظفين، وانتقاء الأشخاص المستعدين للخروج من منطقة الراحة التي يمكثون فيها. وقد يبدو أن اعتماد هذه الاستراتيجية يسبب خلافاً بين الشركات المحلية والأطراف الشريكة الأجنبية التي تعمل معها. إلاّ أنّ أسباباً كثيرة تحثّ على الاعتقاد بأن وجهة النظر هذه محدودة: -المنافسة تسمح بنمو السوق: غالباً ما يكتشف المشغلون الأجانب الذين يولّدون منافسين محليين مستقلين أن الشركات المحلية تختار إنماء السوق في مجالات غير استهلاكية، بدلاً من التنافس وجهاً لوجه. -الشركاء المحليون الأقوياء يُعتبَرون أفضل على صعيد الابتكار المرتبط بالعملاء: فهم يفهمون حاجات العميل بشكل أفضل وقد يساعدون المشغل الأجنبي على تطوير أفكار فريدة يمكن تطبيقها في أماكن أخرى. -كل من لديه سمعة بتطوير شركاء مستدامين سيُكافأ على ذلك: تفضّل الحكومات وغيرها من المؤسسات المحلية شركاء أجانب، ممّن لديهم سيرة من التخلي عن شركاء محليين أقوياء. يُسجَّل تهافت جديد على القارّة الأفريقية، علماً بأن الشركات المحلية القادرة على تطوير شراكات ناجحة ستحقق النجاح.