ما أقصر رحلة الإنسان في هذه الحياة الفانية؛ فمهما طال به الأمد فلا بد أن تنتهي في لمحة بصر، وهذا مصيرنا جميعاً وليس لأحد في هذه الدنيا بمنحى عن الموت. قال تعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}. كل ابن أنثى وإن طالت سلامته يوماً على آلة حدباء محمول وقد فجعت مؤخراً بخبر وفاة والدنا الشيخ عبدالله بن محمد الجدوع - رحمه الله وأسكنه فسيح الجنان - وهو من أعيان محافظة الدلم، فقد ودع دنيانا بهدوء، وغادر حياتنا بصمت؛ بعد أن أفنى حياته في العبادة والتقرب إلى الله عز وجل بفعل الخير والدعوة إليه، ومما ذكر لي من قصص كرمه -رحمه الله- ورفقه بالآخرين أنه تنازل ذات يوم عن ماله لوجه الله تعالى حين رأى المدين مقيداً بالحديد.. ولم يخبر أبناؤه بذلك. وكان رحمه الله ذا ديانة وخلق وعبادة وزهد وصلاح ويحرص على التبكير للمساجد، وإيقاظ أبنائه مبكراً لأداء الفرائض: وسائل عن عصاه بيوت قوم إذا أقعى عن الفجر الأداءُ وتميز رحمه الله تعالى بحسن صلته لأرحامه وأقاربه وعظيم وفائه لهم، ويكفي له أثر صالح باقٍ ما خلفه من أبناء وبنات بررة بأبيهم فهم فرع من تلك الدوحة المباركة الخيرة المتواصلة. وقد عرفت من أبنائه -رحمه الله- كل من: فضيلة الشيخ فهد الجدوع القاضي بمحكمة الخرج، وهو من الدعاة إلى الله عز وجل وأديب القضاء. وكذلك الشيخ خالد الجدوع والذي عرف بحبه للخير ومساعدة الآخرين.. ذرية بعضها من بعض. وسيبقى والدنا الشيخ عبدالله الجدوع -رحمه الله- حاضراً في قلوب جميع محبيه بآثاره الطيبة ومآثره الجليلة: تخالف الناس إلا في محبته كأنما بينهم في وده رحم أسأل الله تعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلا أن يتغمده بواسع رحمته، وأن يرفع درجته في المهديين، وأن يخلف له في عقبه في الغابرين، وأن يغفر لنا وله أجمعين.