لا صوت يعلو هذه الأيام على صوت الحديث عن إخفاق منتخباتنا وأنديتنا خارجياً، فالمنتخب يفشل في التأهل لكأس العالم مرتين بعد أن كان سفيراً دائماً لآسيا في البطولة، ويخرج من الأدوار الأولى للبطولة الآسيوية السابقة خروجاً مذلاً بعد أن كان سيدها وبطلها!! وبنفس الطريقة حتى مع البطولة الإقليمية الأسهل وهي بطولة الخليج، وبعد أن كان يتقدّم بسرعة نحو الأمام في التصنيف الدولي, بات يتقدّم أيضاً بسرعة متجاوزاً الكثير من المنتخبات الأقل منه تاريخاً وإنجازاً لكن إلى الخلف هذه المرة نحو ذيل القائمة!! وفرقنا المحلية دخلت هي الأخرى سباق تذيل الترتيب في مشاركاتها الخارجية، فبعد أن كانت تنافس على تحقيق البطولات, وحققت البطولة الآسيوية الأصعب والأشرس على مستوى القارة الأكبر، وذهبت على أثرها لكأس العالم للأندية أكبر بطولات العالم على مستوى الأندية, هي الآن تقبع في مؤخرة الترتيب في مجموعاتها الآسيوية!! والكل تحدث عن أسباب الإخفاق والتراجع في النتائج والمستوى للمنتخب والأندية, وبالتأكيد أن أصابع الاتهام لن تغادر اللاعبين هنا طالما أننا نتحدث عن لعبة كرة قدم, اللاعبون هم وقودها وزادها الأول, فهناك من تحدث عن المشكلات الإدارية في المنتخبات والأندية وتأثيرها على اللاعبين, وهناك من تحدث عن سهرهم, وعن عدم اهتمامهم بصحتهم, وإهمالهم للتمارين, وهناك من ذهب إلى افتقادهم الروح, وأن ولاءهم ليس للمنتخب وإنما لأنديتهم, وهناك من ذهب أبعد من هذا كله وكسر حاجز العيب والعرف العتيدين, وقال بتعاطي بعض اللاعبين للممنوعات!! وفي الواقع إن كل هذه الأشياء ليست هي السبب الحقيقي وراء كل ما يحدث وإنما هي (إفرازات) للمشكلة الأساس, ألا وهي ارتفاع أسعار عقود اللاعبين, والسوق الحرة التي لا تتحكم فيها مستويات اللاعبين ومردودهم الفني إنما يتحكم فيها مزاج وجشع اللاعب ووكيل أعماله!! وعندما تخضع الأندية لتلك المزاجية وتدفع الملايين للاعبين فلا تسل بعدها عن روحهم, ولا عن صحتهم, ولا عن ولائهم للمنتخب, ولا سهرهم, ولا تراجع مستوياتهم, ولا حتى عن خروجهم عن النص, فعندما تنقل لاعباً من خانة الألوف إلى خانة الملايين, هكذا فجأة فأنت قطعت عليه الطريق في التدرج من الأسفل إلى الأعلى ونقلته مباشرة للأعلى, فأي طموح أبقيته له ليسعى إليه!! ولماذا يحافظ أساساً على صحته ونومه وتدريباته ومستواه وهو حصل على كل شيء قبل أن يعمل أي شيء!! ومن الطبيعي أنه سيزهد في المنتخب الذي سيقدّم له الفتات مقابل (الكنز) الذي سهلت له العثور عليه, ثم بعد هذا كله لماذا لا تسقف العقود بالفعل, وتنتهي هذه المشكلة, ومن بين الذين تحدثوا عن هذا الأمر.. الأمير عبدالله بن مساعد في أحد البرامج حين ذكر أن لاعبي ناديهلإنجليزي أمهر من لاعبينا بمراحل ولكنهم لا يتقاضون ربع ما يتقاضى لاعبونا!! ومثله ظهر الأمير نواف بن فيصل في مكان آخر وتحدث عن عدم استحقاق لاعبينا لتلك المبالغ الفلكية, والأمير نواف أعلى سلطة رياضية في البلد يقر بالمشكلة, لكنه لم يحرك ساكناً تجاهها!! ووضع سقف لعقود اللاعبين سيعالج المشكلة وسيريح الأندية من هم جمع الأموال والمزايدات والمضاربات في بورصة اللاعبين ومن ثم تكبد الديون وما ينتج عنها من شكاوى ومشكلات داخلية وخارجية مع الاتحادات واللجان, أيضاً أين ميثاق الشرف الذي أبرمه بعض رؤساء الأندية لتحديد سقف للعقود، ولماذا نقضه أحدهم عندما طبقه رئيس الهلال على استحياء عند مزايدة (أسامة هوساوي) وقام هو بدفع الفرق!! أخيراً إن لم يوضع سقف يضبط عقود اللاعبين ويزيد من الفائدة للطرفين, فعلى أقل الأحوال يجب أن تكون عقودهم ومرتباتهم وحوافزهم كلها خاضعة لمستوياتهم وعطائهم في الملعب, ومتدرجة من الأسفل للأعلى, حسب الفائدة والقيمة الفنية التي يقدمونها, كما يحصل تماماً مع الموظفين في القطاع العام والخاص, والذي يحفرون في الصخر من أجل تطوير ذواتهم والحصول على أبسط الفرص التي تصعد بهم إلى الأعلى, ولو كانوا يعاملون كما يعامل اللاعبين لتراجع اقتصاد البلدان وانهار, كما يحدث مع رياضتنا الآن.