بدأ الاهتمام بالفنون التشكيلية بالشكل الحكومي المنظم لتخريج مؤهلين في التربية الفنية والفنون التشكيلية بتأسيس معاهد التربية الفنية في عام 1385ه التي أسهمت في بناء الكثير من الجيل الثاني من الفنانين التشكيليين السعوديين, وبعد ذلك انحصر الحضور الأكاديمي للفنون التشكيلية بالجامعات المحلية في أقسام التربية الفنية التابعة لكليات التربية في عدد محدود من الجامعات وكليات المعلمين سابقاً , وأيضاً بعض الأقسام التابعة لكلية الاقتصاد المنزلي, وبدأت أقسام التربية الفنية في الجامعات بإنشاء قسم التربية الفنية بكلية التربية بجامعة الملك سعود بين عامين 94-1395ه وتوالت بعد ذلك أقسام التربية الفنية بجامعة أم القرى ثم بجامعة الملك عبد العزيز فرع المدينةالمنورة حتى تأسست في العام 1429ه كلية التصاميم والفنون بجامعة الأميرة نورة وهي كلية مختصة تعنى بالفنون من خلال أقسام متنوعة بين التصوير التشكيلي والنحت والتصميم وتاريخ الفن. وعلى الرغم من الدور الذي قدمته الجامعات في تأسيس وإعداد متخصصين في التربية الفنية وما تقدمه أيضاً من خلال بعض المناشط والأبحاث في المجال التشكيلي إلا أنها لم تحقق الحراك المأمول منها في دعم مسيرة الفنون التشكيلية وصُنع بصمة منهجية وأكاديمية واضحة ومؤثرة في الحراك التشكيلي المحلي، بل إن معظم أنشطتها ومساهماتها لا تتعدى حرم الجامعة وإن خرجت فبمبادرات فردية لا تمثل الصرح الأكاديمي وعراقته, أما مكتبات الجامعات فهي تزخر بالعديد من الرسائل والأطروحات العلمية التخصصية والمنهجية , ومنها ما تستحق أن تطبع كتباً وتنشر بشكل يليق بمحتواها ويخدم الساحة التشكيلية ولكن المناسب الذي يلامس احتياج الساحة على الرغم من قلته لم يخرج من أرفف المكتبات الجامعية إلا ببعض الجهود الفردية المحدودة أيضاً, وربما كان الاهتمام بالجانب التربوي والتنظيري هو ما جعل الرسائل والأطروحات العلمية أيضاً تبتعد بموضوعاتها وعناوينها عن الاحتياج الحقيقي للساحة المحلية وعن الممارسة التشكيلية بها. ولعل الدور الأكاديمي الحالي الذي تقدمه الجامعات للفنون التشكيلية من خلال أقسام التربية الفنية وهيئة التدريس بها ما زال يحتاج إلى الكثير من العطاء والجهد لردم الفجوة الواضحة بين الساحة التشكيلية وأقسام التربية الفنية بالجامعات فكل يعمل في معزل عن الآخر وروابط التواصل بين الجامعات والمؤسسات الثقافية المعنية بالفنون التشكيلية أشبه ما تكون بالمقطوعة.. فمتى تطالعنا الجامعات بمشروعات مشتركة مع وزارة الثقافة والإعلام والمؤسسات الثقافية والفنية تخدم الفنان التشكيلي والساحة الفنية؟ ومتى تبادر الجامعات بتنظيم مؤتمرات علمية متخصصة في الفنون التشكيلية والتربية الفنية بمعارض ومسابقات مصاحبة, وتصنع حراكاً فنياً منهجياً؟ ومتى نرى الرسائل العلمية تناقش القضايا التشكيلية وتُأصل للمصطلحات والممارسات التشكيلية في الساحة المحلية بشكل علمي وتنشر على هيئة كتب متاحة للجميع؟.. أسئلة تقودنا لأسئلة ولاحتياج كبير في الساحة التشكيلية المحلية لتتضافر الجهود بين الفنانين الممارسين والأكاديميين.