لم تختر دراسة الفنون، ودخلت «التربية الفنية «وهي لا تمتلك رؤية واضحة تجاه مستقبلها ولكنها نجحت وتفوقت فيها، الدكتورة مها السنان فنانة تشكيلية، لها مع دراسة الآثار قصة جعلتها ترصد الفنون القديمة في الجزيرة العربية من خلال قرية الفاو الأثرية والتي أعطتها عمقاً بتاريخ نمو الفنون في مجتمعنا، تدين لمن وضعوا العراقيل أمام طموحها، فلولاهم لم تكتسب المهارات والقدرة على التحمل وصولاً للنجاح، تجد أن عنايتنا بالفنون ينقصها الوعي بأهمية الفنون وقيمتها وربطها بالاقتصاد والنمو الثقافي، يؤلمها أن مدينة كالرياض تخلو ميادينها من منحوتات تجملها، وتجد أن بقايا الجاهلية ما زالت باقية في نظرتنا التي تحتقر الفنون اليدوية والعمل المهني وبخاصة للشباب، ترغب في أن تستثمر في التراث لبناء هويتنا التي تهددها العولمة وذلك من خلال الجمعية السعودية للمحافظة على التراث، نستكمل الحوار مع الدكتورة مها السنان لنتعرف عليها أكثر. ما الذي حملك على الإصرار لدراسة الفنون؟ - لم أتوقع في أثناء دراستي في مرحلة التعليم العام أن اتجه للفنون، لسبب بسيط، لم أكن أعرف المجال جيداً، أو أنني من الممكن أن انخرط فيه، بعد تخرجي من الثانوية عام 1995، كنا دفعة (حرب العراق) فاتنا الكثير في الثانوية العامة بسبب توقف الدراسة أثناء الحرب، وكان القبول في الجامعات في بعض التخصصات متاحاً بسهولة، كما كان من الممكن التسجيل في أكثر من جامعة أو تخصص، وهو ما فعلته مثل غيري الكثير، وبعد ظهور نتائج القبول، اتجهت لما كان يسمى في ذلك الوقت (كليات البنات) التابعة (للرئاسة العامة لتعليم البنات)، قسم (التربية الفنية)، لم يكن لي رؤية واضحة تجاه المستقبل، شأني أيضاً شأن الكثير ممن هم في سني في ذلك الوقت وتحت الظروف ذاتها التي مررت بها، ولكن بعد سنة كاملة ممتعة في القسم تفاجأت بأني الأولى على الدفعة! وفي تلك اللحظة، بدأت الرؤية تجاه مستقبلي تتضح، وزادت وضوحاً عاماً بعد عام، حتى تخرجت وتم تعييني معيدة بذات القسم، ثم دراستي لمرحلتي الماجستير والدكتوراه، مع أنني واجهت الكثير من العقبات والصعوبات، ولكن بحمد الله، مع الإصرار وحب ما أقوم به، ودعم الأهل والأصدقاء، أقف حيث أنا اليوم. لمن كان التأثير الأكبر في بداياتك ؟ - لا يوجد تأثير واضح ومحدد من شخص ما، ولكن في كل مرحلة علمية تقابل نوعين من الأشخاص يؤثرون في مسيرتك، النوع الأول يدعمك ويوجهك وكان من بينهم صديقاتي وأمي وأبي، وعدد من أساتذتي أذكر منهم الدكتور محمد الرصيص والدكتور صالح الزاير في توجيههم لي للموضوع الذي شغلني بعد ذلك في بحوثي، والدكتورة عبلة كامل والتي دعمتني وإن اختلفت معي في اتجاهي العملي، إضافة إلى صديقاتي في الجامعة، ومجموعة فنانات الرياض التي تطوعت بالعمل معها لمدة 8 سنوات وكان لزميلاتي فيها، وعلى رأسهم الأميرة أضواء بنت يزيد، تأثير في مجال إدارة الأنشطة الفنية، أيضاً الفنانات القديرات التي تعرفت عليهن في بداية بحثي العلمي، فدراسة سيرهن والتعرف شخصياً عليهن كان تجربة غنية. وثرية. ولا أنكر دور زوجي فحين يكون نصفك الآخر لا زوج (أو زوجة) فحسب، وإنما يكون صديقاً وداعماً وناقداً ومستشاراً، هنا تكون العلاقة الزوجية دافعة لأي طرف فيها نحو الأفضل، ويكون تأثير كل طرف على الآخر واضحاً في جميع مراحل حياته المهنية. أما النوع الآخر من الذين يؤثرون في بدايات أي شخص، فهم من يضع أمامك العراقيل، فلولاهم، لما اكتسبت الكثير من المهارات والقدرة على التحمل والتحفيز لأكون الأفضل، لهؤلاء تأثير إيجابي من حيث يعلمون أو لا يعلمون. التراث والفن التنوع في دراستك الجامعية وما بعدها في الفنون والتصوير والآثار...هل الفنون جميعها وحدة متكاملة؟ - بل العلوم وحدة متكاملة، أما دراستي للآثار، فلها قصة كذلك، فحين انتهيت من الماجستير، وكان بحثي في موضوع مرتبط بتاريخ الفن المعاصر والحراك التشكيلي لدينا في السعودية، بدأت في التدريس، وبسبب عدم وجود متخصصة في ذلك الوقت، أُسند لي تدريس مادة الفنون القديمة، استلمت المنهج الذي شمل الفنون القديمة في حضارات الشرق الأدنى وغيرها، من دون الإشارة إلى فنون الجزيرة العربية، بحثت عن مراجع مناسبة في هذا الجانب ولم أجد سوى منشورات آثارية، ولأن الابتعاث للخارج في ذلك الوقت لم يكون مسموحاً به، طلبت الابتعاث الداخلي لجامعة الملك سعود كلية السياحة والآثار، لدراسة الفنون القديمة لمرحلة الدكتوراه لعدم وجود قسم متخصص في تاريخ الفن محلياً، واجتهد أعضاء هيئة التدريس معي في توجيه البحث نحو تأريخ الفن، والذي رصدت من خلاله فنوننا القديمة في الجزيرة العربية من خلال نموذج قرية الفاو الشهيرة والتي تعود لفترة ما قبل الإسلام. ودرس تلك الفنون كانت مثل القاعدة التي نبني عليها أي صرح، فقد أعطت لرؤيتي تفكيراً أعمق وأكثر عمقاً لمعرفتي بتاريخ نمو الفنون في مجتمعنا. دراساتك البحثية في الغرب... ماذا منحتك؟ وما لذي تمنيته وأنت هناك؟ - السنة البحثية لمرحلة (ما بعد الدكتوراه) والتي قضيها في هارفارد منحتني الكثير، صحيح أنها سنة واحدة فقط شملت فصليين دراسيين وفترة الإجازة الصيفية، ولكنها تعادل 10 سنوات بحثية بالنسبة إليّ، وذلك لأسباب عدة، منها سهولة الحصول على المصادر المعرفية، وإمكانات حضور العديد من المؤتمرات والورش والدورات التخصصية، إضافة إلى أن البيئة في حد ذاتها في أحد أشهر الجامعات العالمية كفيل بتمكين الباحث من العديد من الأدوات البحثية التي تسمح له باستكمال البحث العلمي لاحقاً، أم التحفيز المعنوي فهو حاصل من خلال الاحتكاك بالباحثين المميزين والعاملين تحت مظلة علمية وذوي أخلاقيات عمل وروح تنم عن التهافت على الحصول على المعلومة. وهناك كنت أتمنى أن يكون أهلي معي، فدعمهم المستمر، وخصوصاً من والدتي يجعل لحياتي معنى آخر، أيضاً أتعبتني المقارنة، خصوصاً في موضوع الممارسات العملية والبحثية التي أعتقد بأنها تقع تحت مظلة وفكر الإسلام، فتركناها وجرينا خلف مظهر خادع للأسف، فنجد أن العديد من المشكلات في البنية التعليمية والبحثية مردها الباحث أو المدرس نفسه، كما أن المتعلمين في الجامعات يفقدون الحماسة والرغبة في العلم، بل قد يكون اهتمام عدد من الطالبات بلبسها صباحاً أهم من بحثها أو محاضراتها! لذا، تمنيت، ولا أزال أتمنى أن تتغير أخلاقيات المهنة لدينا وأهمية التعليم والبحث العلمي. المبدع الأكاديمي ما الفرق بين المبدع والأكاديمي في تناول المشهد الفني عندنا؟ - يخطئ البعض في هجومهم على الأكاديمي في نقده للعمل الفني إذا كان غير منتج بشكل دائم، فهذا قصور في فهم دور ومسؤولية الأكاديمي، الأكاديمي من المفترض أن تكون لديه الأدوات لتعليم الفنون، ولتمييز المبدع والموهوب ولتقويم الفنان، بينما الفنان الممارس قد يتمكن من ذلك وقد لا يتمكن، وقد يجمع الأكاديمي بين الاثنين في حالات نادرة، بينما المبدع يمارس العمل الفني من دون أن يكون مؤثراً في الحراك العام للفنون سوى بعمله وفكره الإبداعي من خلال عرض هذا العمل، فهو لا يستقرئ المشهد بقدر ما هو جزء منه، يقرأ فيه الأكاديمي حركة التشكيل لدينا. ولكن للاسف لا يعي البعض الفرق، فيتوقع من الأكاديمي أو الكاتب أن يكون فناناً ممارساً باستمرار، ويتوقع البعض أيضاً من الفنان أن يكون ناقداً أو كاتباً أيضاً، بل يتوقع البعض أن كل مبدع يستطيع التعليم، وقد غاب عنهم أن التعليم في حد ذاته موهبة، ومن يملك موهبة التعليم قد لا يملك موهبة موازية في ممارسة العمل الفني! دخول الحلال والحرام في فنون الرسم والتصوير والنحت وغيرها هل أحبط المشروع الفني في الوطن؟ - بكل تأكيد، ولنا في مجال التصوير الضوئي نموذج، قبل سنوات عدة كانت هناك حملة لتمزيق الصور وكان المجتمع يستهجن الشخص الذي يحمل آلة التصوير، ويتناقل المجتمع الفتاوى بخصوص التحريم، أما اليوم فتجد (الكاميرا) في يد الجميع من دون أي حرج، بل أصبح التصوير (موضة) لدى بعض الشباب والشابات والتصوير يشمل بطبيعة الحال ما كان ممنوعاً قبل حوالى 15 سنة! أيضاً تدريس الفنون، لاقى تنفيراً وعدم قبول مثله مثل تعليم البنات، وكانت مادة التربية الفنية تُحذف ثم تُعاد مرة أخرى للمنهج لأسباب دينية، حتى استقر تدريسها في الستينات الميلادية. ولا تزال هناك مسألة الرسم التشريحي مختلف عليها، وإن مُنعت في المدارس، ولا ننسى بطبيعة الحال أن لفظ النحت من الألفاظ التي يثار حولها الجدل على المستوى الرسمي، وإن تجاوزنا المشكلة أخيراً باعتماد المسمى ضمن التعليم العالي في الجامعات. أعتقد بأن الخلاف الديني حول مسائل الفنون مرتبطة بطبيعة المجال ذاته، فهو في شكله الحديث علم غربي، لذا يتوقع المجتمع من رجال الدين التوجس حيال أي دخيل قبل أن يتم هضمه ضمن (الضوابط الشرعية) بطبيعة الحال. ما الفرق بين رؤية الرجل ورؤية المرأة للفنون بأنواعها؟ - لا أعتقد بأن هناك اختلافاً يمكن قياسه، الفارق فقط في أن بعض الرجال يمارس الفنون على استحياء نتيجة تراكمات مجتمعية، بينما تمارس المرأة الفن بدعم من البعض كونها متناسبة في (نظرهم) مع وظيفتها المنزلية. الفن والأزمات هل الفنان قادر أكثر من غيره على ارتباطه بأحداث وأزمات الطبيعة والسياسة وما تحويه من ويلات وحروب؟ - هذا هو المفروض، ولكن ملاحظتي على أعمال الفنانين السعوديين أنهم يتأثرون بأزمات العالم الخارجية في أعمالهم الفنية أكثر من تأثرهم بالأزمات الداخلية، إذا ما استثنينا تلك الأعمال التي يتم تنفيذها لتتناسب مع مسابقة أو معرض ما ضمن حملة توعوية! فنجد على سبيل المثال أعمالاً تحاكي وتناقش وتعرض أزمات إسلامية وعربية مثل القضية الفلسطينية على سبيل المثال، بينما عانى الوطن من حرب (الخليج)، ولم أجد تعبيراً واضحاً لدى أعمال الفنانين حيال مثل هذه الأزمة، حتى قضية الإرهاب وأزمة تنظيم القاعدة، لا نجد أعمالاً تمثلها بشكل تعبيري فني راقي، وأعتقد بأن هذا موضوع مناسب لدراسة علمية في مجال الفنون! الساحة الفنية والثقافية والتراثية في الوطن متسعة ومتنوعة، هل عنايتنا بالمشهد الفني تأتي كما يجب ؟ وما الذي ينقصنا؟ هي أفضل من السابق بلا شك...لكن هل هي كما يجب؟ للأسف لا...أما ماذا ينقصنا، فأعتقد بأنه ينقصنا الكثير...........أولاً: الوعي بأهمية تلك الفنون، ثانياً: الوعي بقيمة تلك الفنون، ثالثاً: معرفة لكيفية تفعيل تلك الفنون لمصلحتنا، رابعاً: ربطها باقتصادنا ونمونا الثقافي، خامساً: الاستمرار في تطوير المناهج في مجال الفنون، سادساً: إعادة أسلوب التدريس من المعلمين باستخدام الفنون، سابعاً: التوسع في افتتاح أقسام ومعاهد عليا متخصصة في الفنون والمجالات ذات الصلة بالصناعة ذاتها، ثامناً: تكثيف المناشط ذات العلاقة على أن نحرص على أن تكون ذات جودة تستقطب الجمهور، تاسعاً: استثمار القطاع الخاص في الفنون والثقافة بشكل عام.....هل استمر؟ أعتقد بأنني من الممكن أن أكمل العد إلى 20 على أقل تقدير! الجمعية السعودية للمحافظة على التراث، ما الذي ستقدمه؟ وكيف هي مساحة الركض في مداراتها؟ - الفكرة أساساً هي في إقامة جمعية غير ربحية لها رؤية ورسالة وأهداف سامية، نتمنى من خلال مشاريعنا أن نحقق جزءاً منها في المستقبل القريب، وجميعها على مدى سنوات قادمة عدة بدعم حكومي وفردي وأيضاً من القطاع الخاص، نريد أن نستثمر تراثنا لبناء أو استكمال بناء هويتنا، نريد أن نثبت بثقافتنا في مرحلة إلغاء الهوية تحت تهديد العولمة، لا شك أن للعولمة تأثيراً كبيراً، خصوصاً على جيل الشباب، ولكن المقاومة الفكرية والمناسبة للأجيال المختلفة والمتوافقة مع التطور التكنولوجي والعلمي هي الأداة التي نستطيع بها مقاومة هذا التهديد لهويتنا، وما الجمعية السعودية للمحافظة على التراث سوى أداة لهذه المقاومة، الأهداف جسيمة والتحديات كبيرة، ولكن الهمم عالية...وبالله التوفيق. التربية المتحفية، هل تبدو مصطلحاً لم يمر بذاكرة وزارة التربية والتعليم؟ على العكس، هناك مشاريع جيدة تبناها القسم النسائي في المتحف الوطني، وقد تحدثت مرات عدة مع إحدى الناشطات في القسم (سارة الحامد) واطلعت على ما يقومون به في المتحف تحت برامج الهيئة الاستشارية للمتحف الوطني برئاسة الأميرة عادلة بنت عبدالله منذ ما يقارب العشر سنوات، ولا تزال الجهود مستمرة في هذا الاتجاه، علماً بأن العمل تكاملي على ما يبدو مع الوزارة. وحيث أن مكتبنا الآن (الجمعية السعودية للمحافظة على التراث) يقع في المتحف الوطني، فإن من أجمل الصباحات تلك التي اسمع من خلال جدران مكتبي ضجيج الطلبة أو الطالبات أثناء الزيارات المدرسية المتكررة. هل نجيد استغلال المناسبات في تقديم تراثنا وثقافتنا من خلال الأسابيع الثقافية والمهرجانات المختلفة ؟ لو ذكرنا الجنادرية كمثال، أعتقد بأنها نجحت بكل المقاييس، فعلى رغم الجهود التي يثيرها بعض (المتحمسين) ممن يتحركون بنية حسنة أو بسوء نية، ألا أن كل تلك الفرقعات لم تثن الناس من زيارة المهرجان، على رغم أن الحملة الإعلامية تكاد تكون معدومة، والمعلومات المنشورة عن الجدول قبل الافتتاح يصعب الحصول عليها، إلا أن الجماهير الغفيرة التي زارت المهرجان وخصوصاً في أيام العائلات، يثبت أمرين: الأول أن المجتمع متعطش لفرص الاحتفالات والمهرجانات والتجمعات المختلفة. وثانياً: لا يزال لدينا فضول بمعرفة ما لا نعرفه عن تراثنا وتاريخنا، وهنا تأتي أهمية زيادة الأوعية التي تكتنف التراث وتوعي به. الغرب والتراث برأيك، ما سبب ازدياد اهتمام الغرب أخيراً بحفظ تراثهم وتدوينه؟ سأتحدث من خلال مجال الفنون البصرية، والتي من الممكن استقراء هذه العودة بدراسة تاريخ الفن، فهذه ليست المرة الأولى التي يعود فيها الغرب إلى التراث أو الجذور، ربما كان عصر النهضة النموذج الأوضح، والتي بدأ بعدها تطورات نوعية وشكلية في مجال الفنون ومحطات تأريخية لعل أبرزها فترة ظهور المدرسة التأثيرية أو الانطباعية، والتي تلتها تطورات أخرى أوصلتها للتجريدية التعبيرية في منتصف القرن العشرين حين انفصلت الفنون تماماً عن جذورها، نودي بعدها للعودة مرة أخرى إلى الجذور، فيما يشبه النهضة الثقافية والفكرية لأهمية التراث والهوية والتنوع الثقافي بدلاً من المسخ المتشابه، ولولا تلك العودة قبل نصف قرن، لما كنا نمتلك الأدوات اللازمة لمقاومة التمييع الثقافي تحت ظل العولمة. جامعة الأميرة نورة خالية من لمسات التصميم الفني والمنحوتات، لماذا ليس من بصمة فنية على أسوارها وردهاتها؟ ليست جامعة الأميرة نورة فحسب، بل مدينة الرياض بأكملها، ولو نظرت حولك لوجدت أعمالاً محدودة من المنحوتات البعض منها بأحجام صغيرة جداً لا تتناسب مع الفراغ المحيط.... أما السبب، فلا أدري؟ هل هي ثقافة مجتمع لا يزال يخشى من كلمة (نحت)؟ أو (منحوتة)؟ أعتقد بأن ثقافتنا تجاه الفنون بأنواعها كافة بحاجة إلى نفض الغبار. كيف يمكن للجامعة أن تتبنى فكرة إعادة صياغة التراث والتعريف به ؟ بتفعيل الأنشطة المرتبطة كالمعارض والورش والمحاضرات...إلخ، وبتفعيل فكرة المتحف داخل الحرم الجامعي، جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن تعتبر من أكبر المدن الأكاديمية على المستوى العالمي لا المحلي فحسب، ووجود متحف ضرورة، كنت شخصياً قد سمعت بوجود مخطط لمتحف، ولكن يبدو أنه ليس من الأوليات في هذه الفترة بطبيعة الحال. لماذا تقبل الفتيات أكثر من الشباب على دراسة الفنون ؟ هل الفن امرأة في الأساس؟ لعل هذا الاتجاه نموذج لبقاء بعض من خصالنا القديمة (الجاهلية)، فقد عُرف العرب قديماً باستحقار ممارسة الفنون اليدوية، فكانت مخصصة للرقيق، والأجانب والنساء! وما زلنا اليوم نرى من يقلل من قيمة دراسة الفنون والعمل اليدوي أو المهني بشكل عام، وخصوصاً للشباب، بينما تُشجع بعض الأسر بناتها للانخراط في هذا المجال من باب مناسبته (لطبيعة) المرأة، وأنها إن لم تجد عملاً رسمياً، فقد يساعدها هذا العلم في (ترتيب) بيتها! هل خصوصية المجتمع تتحكم في توجهات الفتيات نحو الفنون البصرية والفنون الأدائية بشكل عام ؟ الخصوصية (بُعبع) وضعناه أمام أعيننا كي نبرر لأنفسنا التقاعس والتماهل وضُعف الهمم، أما سبب توجه الفتيات فالسبب ربما في أن الجمع والتعليم العالي ساهم نسبياً في حصر المجال في الفتيات، خصوصاً إذا ما علمنا بأن المعاهد الموجود والكليات المتخصصة (فيما عدا قسم التربية الفنية) جميعها للفتيات فقط من دون البنين، فيكون الوضع شائكاً أمام الشاب الذي يريد التخصص في مجال الفنون الجميلة لعدم وجود جهة متخصصة ومعهد أو أكاديمية للفنون، وحين تسأل الجامعات عن سبب عدم فتح الأقسام المتخصصة يقولون لك إن نسبة إقبال الذكور محدودة جداً مقارنة بالإناث في (قسم التربية الفنية) فكيف نفتح قسماً متخصصاً بالفنون الجميلة. ولكن المثير للتعجب، أن السوق الفنية والمسابقات، يتصدرها الفنانون أكثر من الفنانات، بل غابت الفنانة سنوات عدة ولم تظهر إلا على استحياء قبل عقد أو عقدين فقط! مع أن الكم بدون الحديث عن النوع في النشاط التشكيلي النسائي يفوق الرجال. قضايا المرأة قضايا المرأة المحورية، دائماً تبقى معلقة بلا نهايات ..هل تجاهل وضع الحلول لها يجعلها غائبة عن الظهور؟ طبيعي أن تكون كذلك ما دامت المرأة بعيدة عن مواقع اتخاذ القرار وعن القضاء والإفتاء (إلا فيما ندر) لن يحلها سوى وجود المرأة في مواقع عدة تضمن سماع صوتها، وأيضاً أن تقف المرأة مع المرأة لحل تلك القضايا! هناك العديد من قضايا المجتمع ما زلنا ندور في حلقات مفرغة منها ومنذ عدد من السنين، ما الذي نحتاجه لطرح الحلول السريعة ؟ الحل أولاً في الخطاب الديني، الذي استطاع تحويل مجتمع كامل في الثمانينات إلى ما هو عليه، فهو قادر على أن يعيد صياغة خطابه للتغير الإيجابي في مصلحة الأمة، خصوصاً مع التركيز على الجوانب الأخلاقية والعدل وجوهر الدين بدلاً من قشوره. وثانياً في المعرفة، والاطلاع والنقاش والحوار بل والجدل، فهو وسيلة لانتشار الوعي! ما مدى تفاؤلك بمشاركة المرأة في الشأن العام في المرحلة المقبلة. قبل 10 سنوات، حين كنت أقول إننا سنرى امرأة وزيرة قريباً، كان من حولي يضحك، اليوم حين أقولها، أجد من يبتسم، وأجد من يتفق، وهناك من لا يزال يرى تحقيق ذلك بعيد المنال! شخصياً متفائلة. هل نحن متفائلون أكثر من اللازم بقيادة التغيير الإيجابي في المجتمع من خلال أعداد المبتعثين إلى الخارج ؟ لا يوجد إجابة واحدة لهذا السؤال، هناك من هو متفائل، هناك من هو متشائم للأسف، وهناك من لا يعلق الأمل بالتغيير عليهم، وإنما يعتقد بأن التغيير قادم لأسباب أخرى مختلفة. ما الذي سيغير من الصورة النمطية في الأذهان عن المرأة ؟ لن يغيرها سوى المرأة نفسها، وبدعم الرجل في المرحلة الأولى على أقل تقدير، مع العلم أن تلك الصورة ليست خاصة بنا أو بمجتمعنا للأسف لا تزال المجتمعات المختلفة تعامل المرأة بدونية في مقابل الرجل، سواء من خلال طمس صورتها أم من خلال استخدام صورة معينة تتناسب مع الإعلام لها! قضايا العنف الجسدي والنفسي والثقافي ضد الفئات المهمشة في المجتمع، ما الذي سيقضي على انتشارها ؟ الوعي بالحقوق، وجود الجهات التي تحميهم، ومعرفتهم بتلك الجهات! وأعتقد أيضاً بأنه لزام على كل من الإعلاميين والفنانين تسليط الضوء على مثل هذه القضايا، لأنها تخالف كل تشريع سماوي بل وتخالف الفطرة الإنسانية، فمن يقوم بتلك الأفعال لابد أنه غير سوي. هل الفن قادر على إبراز قضايا المجتمع من خلال الصورة واللوحة وغيرها. بكل تأكيد، ولكن يلزمنا الفنان الواعي بقضايا المجتمع والمتمكن من أدواته الفنية والتعبيرية كي يحيل هذا المفهوم إلى الواقع....لدينا محاولات من قبل البعض، أحييهم على اتساع أفقهم ورؤيتهم بل وشجاعتهم، فالعمل الفني الذي يلمس المجتمع ويعكس قضاياه، لا يكون عملاً صادقاً فحسب، وإنما يتذوقه المجتمع سواء أعجبه أم لم يعجبه، وفي ذلك نجاح كاف لأي فنان. سيرة ذاتية... المؤهلات العلمية - باحثة زائرة (دراسات ما بعد الدكتوراه - Post Doctoral) ضمن برنامج الآغا خان للفنون الإسلامية، في قسم تاريخ الفن والعمارة، كلية العلوم والفنون، جامعة هارفارد (Harvard University) 2010 -2011. - دكتوراه في الآثار والفنون القديمة من قسم الآثار والمتاحف، كلية السياحة والآثار- جامعة الملك سعود عام 1430ه- 2009. - ماجستير في التربية الفنية تخصص دقيق رسم وتصوير عام 1422ه-2001. - بكالوريوس في التربية الفنية من كلية التربية للاقتصاد المنزلي والتربية الفنية في الرياض 1416ه. الخبرات العلمية - أستاذ مساعد، كلية التصاميم والفنون، جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن 2011. - معيدة ثم محاضرة في قسم التربية الفنية بكلية التربية للاقتصاد المنزلي والتربية الفنية / جامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن، منذ 1995-2011. - عضو ممثل لجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن ضمن وفد وزير التعليم العالي في زيارته الرسمية لتركيا، ربيع الأول 1431ه - رئيسة لجنة إعداد خطة كلية التصاميم والفنون 1431ه. - وكيلة رئيسة القسم 1422ه-1423ه. العضويات في الجمعيات - عضو في (CAA College Art Association ) ومقرها الولاياتالمتحدة الأميركية. - عضو في (MESA Middle East Studies Association ) ومقرها الولاياتالمتحدة الأميركية. - عضو في (AMCA، Association for Modern and Contemporary Art) ومقرها الولاياتالمتحدة الأميركية. - عضو في جمعية الدراسات الآثارية، جامعة الملك سعود، الرياض. - عضو في جمعية الدراسات العربية (Society for Arabian Studies) ومقرها لندن في المملكة المتحدة. - عضو في الجمعية السعودية للفنانين التشكيليين ومقرها الرياض في المملكة العربية السعودية. - عضو في جمعية التاريخ والآثار لدول مجلس التعاون ومقرها الرياض في المملكة العربية السعودية. - عضو في اتحاد الآثاريين العرب ومقرها القاهرة. - عضو في مجموعة الفنانات السعوديات لمنطقة الرياض (سابقاً). المؤلفات - كتاب «المرأة السعودية والفن التشكيلي». الرياض 2007 - 1428ه، الطبعة الثانية 2008- 1429ه - كتاب «أساليب معاصرة في التصوير التشكيلي السعودي». الرياض 2007 - 1428ه كتاب «مؤثرات الرؤية في التصوير التشكيلي السعودي المعاصر». الرياض 2007 - 1428ه. الجوائز - جائزة ومنحة فولبرايت العالمية من وزارة الخارجية الأميركية لأفضل الباحثين من حملة درجة الدكتوراه 2010 -2011. - منحة بحثية من معهد الآثار الألماني- قسم الدراسات الشرقية 2007.