عزا الدكتور أحمد الغامدي أستاذ التربية الفنية بجامعة أم القرى بمكةالمكرمة غياب الأكاديميين عن الساحة التشكيلية المحلية إلى ندرة الدعوات المقدمة من المؤسسات الثقافية للأكاديميين لتقديم ما لديهم من معرفة وعلم لتفعيل الحراك التشكيلي، مؤكدًا أنه على المستوى الشخصي لم يتلقَ دعوة لإقامة محاضرة عن الفنون التشكيلية طيلة مسيرته سوى من الدكتور عثمان الصيني بنادي الطائف الأدبي قبل أكثر من 20 عامًا، مبينًا أن غاية الفن تنوعت وتغيرت بعد أن كانت جمالية وفلسفية وفكرية أصبحت الآن تسويقية مادية. جاء ذلك في الأمسية التشكيلية التي أقيمت مؤخّرًا ضمن فعاليات ملتقى وج الثقافي الفني بجمعية الثقافة والفنون بالطائف تحت عنوان “سبل التشكيل الحديثة”، شارك فيها كذلك الدكتور حمزة باجودة أستاذ التربية الفنية بجامعة أم القرى بمكةالمكرمة، وأدارها مقرر لجنة الفنون التشكيلية والخط العربي بجمعية الطائف محمد الثقفي. التشكيل والسلوك الإنساني حيث استهل الأمسية الدكتور أحمد بالحديث عن الفنون التشكيلية وغايتها ودورها في تقويم السلوك الإنساني والرقي بالفكر وتطويره ، وأشار إلى تطور الفنون وأساليبها وأن الفن حاجة اجتماعية وإنسانية تتطور وتنمو كنمو وتطور جميع أوجه الحياة البشرية واسترسل في الحديث عن الفنون في هذا المجال كما تطرق لواقع الفنون على المستوى المحلي وكيفية تطور بعض التجارب المحلية وإن كانت بشكل وجهود فردية في غياب أو نمطية من بعض المؤسسات الثقافية المحلية المعنية بالتشكيل على وجه الخصوص، كما تطرق لمادة التربية الفنية وأثرها المأمور ودورها المغيب في مدارسنا. تطور التشكيل ثم انتقل الحديث بعد ذلك للدكتور حمزة باجودة الذي استعرض بشكل موجز العديد من المدارس الفنية مبتدئًا بالانطباعية وظروف نشأتها وتميزها في وقتها بعد أن رفضت لسنوات وتطرق لبقية المدارس الفنية موضحًا أن الحديث الآن عن المدارس والاتجاهات الفنية التي كان يطلق عليها معاصرة أصبح كنوع من الدراسات التاريخية، كما تطرق لبعض التجارب الفنية التي أثرت في تاريخ الفن التشكيلي المعاصر مثل أعمال مارسيل دوشامب وتحدث أيضًا عن فنون الحداثة والمفاهيمية وفنون ما بعد الحداثة وعودة بعض الفنانين إلى الواقعية المفرطة أو واقعية الصور الفوتوغرافية كرفض منهم لاتجاهات الحداثة وموجة الأعمال التجريبية، كما تحدث عن المزادات العالمية واتجاه المسوقين لأعمال فناني الشرق الأوسط. مداخلات وأسئلة كذلك شهدت الأمسية العديد من المداخلات استهلها مدير فرع الجمعية بالطائف فيصل الخديدي والذي شكر المحاضرين على المعلومات الغنية والثرية التي قدماها مستفسرًا عن عن سر غيابهما عن الساحة التشكيلي المحلية وعدم مساهمتهما في تفعيل الحراك التشكيلي المحلي برغم أن المعلومة لديهما حاضرة وثقافتهما التشكيلية عالية، ومتابعتهما لمستجدات التشكيل المحلي والعالمي موجودة. ليجد الإجابة عند الدكتور أحمد الغامدي الذي أرجع غياب الأكاديميين عن الساحة التشكيلية المحلية إلى ندرة الدعوات المقدمة من المؤسسات الثقافية للأكاديميين لتقديم ما لديهم من معرفة وعلم لتفعيل الحراك التشكيلي مبينًا أنه على المستوى الشخصي لم يتلقَ دعوة لإقامة محاضرة عن الفنون التشكيلية طيلة مسيرته سوى من الدكتور عثمان الصيني بنادي الطائف الأدبي قبل أكثر من عشرين عامًا وهذه الدعوة الثانية له من جمعية الطائف ودعوة ثالثة من تعليم مكة قبل سنوات، كما أتفق مع الخديدي في كون الفن الآن أصبح صناعة مثله مثل صناعة النجوم والرياضيين والأعلاميين. أما الدكتور حمزة فذكر نماذج حديثة من أعمال تشكيليين سعوديين اشتغلت على الحديث من الفنون وعرضت بمزادات عالمية مثل الفنان عبدالناصر غارم كما استعرض أعمال من تجربة الفنان أحمد ماطر بشيء من التفصيل موضحًا تعدد الرؤى في مثل هذه التجارب المفتوحة. وبعد ذلك تداخل الفنان التشكيلي عبدالله الشعلان الذي تساءل عن الأسلوب الفني الذي يميز الفنان وهل لابد أن يكون لكل فنان بصمة مميزة له، كما رأى أن الفنون الحديثة والأعمال التركيبة والاعتماد على الموجودات الجاهزة وإعادة توظيفه في الفنون يعود لعدم قدرة الفنان على العمل اليدوي بأدوات الرسم من أقلام رصاص وألوان. كما داخل الفنان زايد الزهراني الذي تساءل عن بعض الأعمال الذي يستخدم فيه الفنان بعض الحيوانات في عمل تأثيرات عشوائية مثل استخدام الديدان في تلوين بعض الأسطح أو الفيلة التي عملت ضربات عشوائية باسم الفن، وهل يصح لنا تسمية ذلك فن أم أنها عشوائية. ليتفق الدكتور أحمد والدكتور حمزة بالإجابة على هذه الأسئلة بالإيضاح أن الفنان في الفنون الحديثة وما بعد الحداثة لم يعد يعتمد على أسلوب أو بصمة معينة وإنما يشتغل على المشروع والتجربة الفكرية والفلسفية ولم يعد محتاجًا لأن يكون رسامًا ليصبح فنانًا وإنما أصبح التشكيل الحديث مشروعًا ثقافيًا أكثر منه مشروعًا تقنيًا، وأشار الدكتور أحمد إلى الفنان الشعلان بأن الفنان يحتاج لكثير من الاطلاع والرؤية والخروج عن حدود وإطار العمل وهو ما رآه في أعمال الشعلان حيث ذكر أن تجربة الشعلان لازالت بحاجة إلى الخروج من إطار التجريب البسيط إلى جرأة وتجريب أوسع، وفي معرض رده على ما ذكره الفنان الزهراني أشار إلى أن هناك بعض الممارسات التي تلصق بالفن ولا يمكن اعتبارها فنًا إلا إذا كانت تحمل مدلولاً فكريًا أو فلسفيًا. وفي ختام الأمسية تقدم مدير الأمسية بالشكر للمحاضرين وطلب من مدير الفرع التفضل بتقديم دروع تذكارية ومجموعة من مطبوعات الجمعية للدكتورين اللذين أبديا امتنانهما لمبادرة فرع الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون بالطائف في تفعيل الحراك الثقافي والفني بالطائف.