تُحدثنا مصادرُ التاريخ أن النخب المتطرفة لدى كل الأمم إذا آل إليها الأمر كله أو بعضه فإنها تعمد إلى أسوأ ما في تراثها القديم وتروِّج له بين الناس إن لم تفرضه بقوة القانون. نرى ذلك بوضوح عند غلاة الصهاينة، حيث روّجوا لنصوص دموية من التلمود وشروحه المتطرفة التي ظلت قابعة في عالم النسيان منذ آلاف السنين. الطورانيون الغلاة حينما قويت شوكتهم في تركيا أواسط القرن العشرين دعوا الشعب التركي المسلم للعودة إلى عبادة الذئب الأغبر التي كانت سائدة في الأناضول قبل الإسلام. ثقافة الإقصاء ورفض الآخر واستحلال دماء المخالفين لم تكن معروفة نهائياً في العهد النبوي وعهد الخلفاء الراشدين، حيث كان الناس في تلك العصور الفاضلة متعايشين بسلام ووئام وهم مختلفون في توجهاتهم الدينية ما بين مسلمين ويهود ومشركين ومنافقين. على الرغم من أن الغلاة في البلدان العربية لا يملكون من أمر الناس شيئاً إلا أنهم استطاعوا اختطاف الفكر فروجوا على نطاق محدود لما بزغ نجمهم بداية الثمانينات أسوأ ما في ثراث العرب أيام جاهليتهم الأولى قبل الإسلام من الدموية والانغلاق وإنكار الآخر وازدرائه والمكابرة في إنكار الحقائق.