شهد يوم الثامن عشر من فبراير الماضي فعاليات مهرجان الأغنية الإيطالية -سان ريمو- في دورته الرابعة والستين، على مدى خمس سهرات متتاليات، وهو مهرجان موسيقي تاريخي مثّل ولا يزال محطة انطلاق مهمة للفنانين الواعدين في إيطاليا. وقد مرت أسماء عدة من سان ريمو باتت لامعة في سماء الفن الإيطالي، على غرار الفنان طوطو كوتونيو صاحب أغنية «لاشاتيمي كنتاري» (دعوني أغنّي)، ومغني الروك أدريانو شيلنتانو صاحب أغنية «من لا يشتغل لا نصيب له من الغرام»، وألبانو في أغنيته «شي سارا» (سيكون يوما)، ورامازوتي صاحب الصوت الشجي بأغنية «أديسّو تو» (الآن أنت)، وجورجيا بأغنية «كومي سابراي» (لو تدري)، فضلاً عن آخرين مِثل ريناتو زيرو، وألبانو، وجاني موراندي، ولاورا باوزيني، سفيرة الأغنية الإيطالية في العالم، والراحل بافاروتي صاحب الصوت الأوبيرالي الفريد، وليغابو، صاحب أكثر المبيعات في إيطاليا خلال العام 2013 (300 ألف إسطوانة) وغيرهم من عمالقة الفن الإيطالي. سان ريمو هو المهرجان الأوسع متابعة من قِبل الإيطاليين عبر شاشات التلفزيون وموجات الأثير، حيث تابع المهرجان على مدى ليال، 15 مليون إيطالي كل سهرة، وبات سان ريمو عنوان ذاكرة التراث الموسيقي الحي والمتجدد في إيطاليا. واحتدم هذه السنة الصراع على أشده بين خطين موسيقيين: خط الأغنية الملتزمة، أو بالأحرى الأغنية الاجتماعية، وخط الأغنية الرومانسية، فالأوضاع الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها إيطاليا، ليس بشكلها السلبي، تبدو منعكسة على العروض الفنية أيضا، من حيث نوعية الأغاني واختيار الكلمات والطابع الموسيقي. كما أن المهرجان ليس مهرجانا للأغنية فحسب بل هو مهرجان للموضة والإبهار الإيطاليين أيضا. وتم تخصيص العديد من الجوائز في المهرجان هذه السنة، منها جائزة «فولاري»، نسبة إلى الأغنية الشهيرة لدومينيكو مودونيو التي فازت سنة 1958، وهي جائزة لأحسن نص شعري، فضلا عن جوائز أخرى مخصصة للموسيقى والنقد، فالفن في إيطاليا لا يعرف أزمة ولا يعرف أثرا لتداعياتها، كما صرح لنا رئيس لجنة التحكيم المخرج الإيطالي باولو فيرزي. وكان من ضمن ضيوف الشرف العالميين هذا العام الفنان البريطاني المسلم كات سيتفانس، أو يوسف إسلام كما بات يسمى. ومن الجانب الإيطالي حضر ضمن المشاركين هذه السنة فنان الأغاني العاطفية كلاوديو باليوني، رفقة سيدة الشاشة الإيطالية المنشطة والمغنية رافائيلا كارا. تُقدَّر تكاليف المهرجان ب 18 مليون يورو، تم تغطية مجملها من الإشهار والدعاية، غير أن هناك ديوناً متخلدة من السنوات السابقة، ما جعل البعض يقترح بيع المهرجان برمته على غرار بيع جزء من شركة الطيران الإيطالية «أليطاليا»، على اعتبار أن المهرجان يمثّل هدراً للمال العام. وعلى غرار ما يرافق هذا المهرجان سنوياً من إشاعات وأخبار، هناك انتقادات واسعة للجوائز كل سنة، فمن قائل إن النتائج محسومة سلفاً، وإن أعضاء لجنة التحكيم يعبّرون عن توجهات فنية يقيّمون من خلالها الأغنية المرشَّحة، وحتى من يتحدث عن بيع وشراء تحت الطاولة -على الطريقة الإيطالية- تصاحب المهرجان. فقد باتت كثرة الإشاعات والانتقادات المرافقة لهذا المهرجان جزءا من المهرجان، وهو ما يجعله مجلبة لمتابعة واسعة بين الجمهور الموسيقي في إيطاليا كل سنة ويحافظ على وجوده، إنها سبيل لنفخ الأشرعة لهذه السفينة الثقافية المبحرة كما نقول في الإيطالية. ** ** ** انتزعت المغنية الشابة «أريزا» المركز الأول بين 22 متسابقاً لتكون جائزة «النخلة الذهبية» من نصيبها في مهرجان «سان ريمو» للأغنية الإيطالية، وفازت أريزا عن أدائها لأغنية بعنوان «عكس الريح»، وكان الفوز من نصيب المغني ماركو مينغوني (25 عاماً) في العام الماضي.