التجربة الإعلامية للشيخ عبد الله بن خميس دراسة تاريخية تحليلية يعاني تاريخ الإعلام السعودي، والصحافة السعودية تحديداً، من ندرة في الدراسات الإعلامية الجادة التي تتجاوز الرصد والسرد التاريخي إلى التحليل والتفسير والربط بين الحدث الإعلامي والظروف التاريخية التي ظهر فيها. ويسعى هذا البحث إلى سد النقص في هذا الجانب من خلال الرصد التاريخي لمسيرة واحد من رواد العمل الإعلامي في المملكة، وربط هذه التجربة بالظروف الاجتماعية والثقافية التي ظهرت فيها. وقد استخدم الباحث إلى جانب المنهج التاريخي، منهج تحليل المضمون لتحليل محتوى إصدارات (ابن خميس) الصحفية وبخاصة مجلة الجزيرة، وكذلك منهج تحليل الخطاب لدراسة المقالات الافتتاحية التي كتبها لمجلة الجزيرة. وأشارت نتائج الدراسة إلى الدور التاريخي لابن خميس في مسيرة الإعلام السعودي عبر تأسيسه لمجلة الجزيرة التي كانت واحدة من النماذج الناجحة في مرحلة صحافة الأفراد إذ اتسمت بالانتظام في الصدور، وتنوع المضامين، ومعالجة القضايا الاجتماعية والوطنية بجرأة ملحوظة، وكان ابن خميس يمارس من خلالها دور (الصحفي الشامل) فقد كان رئيساً للتحرير ومحرراً وصحفياً ميدانياً فهو يكتب المقال، ويجري المقابلات، ويعد التحقيقات، ويكتب الأخبار، كما ناقشت الدراسة تجربته الإذاعية عبر برنامج (من القائل؟)، الذي أعده وقدّمه في إذاعة الرياض على مدى ثلاث سنوات، وأشارت نتائج دراسة تحليل الخطاب إلى أن ابن خميس كان يمارس العمل الإعلامي بوصفه جزءاً من دوره كونه مثقفا ينتمي إلى مجتمع يمر بتحولات اجتماعية وثقافية عميقة، وعليه تقع مسئولية الإسهام في توجيه هذه التحولات وترشيدها. *** ابن خميس من الشرق إلى الغرب يقدم أدب الرحلة الذي كتبه عبدالله بن خميس جزءاً مهما يجسد وعياً نظرياً وتطبيقياً لهذا الأدب؛ ولعل مما يزيد في أهمية هذه الكتابات أن الرحلة قد رافقت ابن خميس في إصداراته الأولى والأخيرة، كما أن الرحلة الخميسية قد بدأت من الشرق، وانتهت في الغرب! مما يمكن أن يوفر مادة مناسبة للنظر في تعاطي ابن خميس مع «الذات والآخر» وهما محوران مهمان من محاور الكتابات الرحلية العربية الحديثة. وهو إلى ذلك يؤكد أيضاً أن هذا الاتجاه نحو هذا اللون الفني كان أصيلاً في شخصيته، إلى جانب أن الفارق الزمني الذي كتبت من خلاله الرحلتان، وهما رحلة: «شهر في دمشق» و» جولة في غرب أمريكا» يفرض أسئلة حول وجود تنوعات على مستوى الرؤية أو الأسلوب. وهذه الورقة ترصد هذا تعاطي ابن خميس مع أدب الرحلة من خلال محاور موجزة تمثل الرؤية النظرية لهذا الأدب التي اعتمدها ابن خميس، ومن خلال تعاطيه الفني مع هذا الجنس الأدبي، مع مقارنة موجزة لباعث رحلته، وعنوانها مع بعض الرحالة العرب الذين زاروا أمريكا في العصر الحديث. *** شعر عبدالله بن خميس: الرؤية والفن أشرق حاضر الأدب السعودي بألوان أدبية ممتازة شعراً ونثراً، تضعه في مصاف الآداب العربية الأخرى، وتلحقه بالنماذج الممتازة. والأديب الشاعر عبدالله بن خميس (1339- 1432ه) أحد الأصوات الأدبية الفاعلة في وطننا (المملكة العربية السعودية)، التي أسهمت في تحقيق مكانة متميزة للأدب السعودي. والشاعر يُعدّ في التاريخ الأدبي من جيل الشعراء المحافظين، الذين عنوا بعمود الشعر، وديباجته القديمة، وظهرت شخصية الشاعر الوطنية خلال شعره، وكان لا يفتأ مسهباً في التعبير عن ولائه وعشقه لثرى وطنه، وقد اهتم أيضاً بقضايا الأمة العربية والإسلامية، وكانت له قيادة وريادة الحركة الفكرية، وعاصر النهضة الأدبية في نجد، كما أن مكانة الشاعر الرسمية كانت وثيقة أخرى لمنابع شعره ونثره، فقد عاصر - رحمه الله - خمسة من ملوك هذه البلاد، بدءاً من عهد الملك عبد العزيز - رحمه الله - إلى عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز - حفظه الله - وتقلد مناصب عدة، وكان من رجال الدولة؛ وهذا تطلب منه الكثير من الدبلوماسية واصطناع لغة الممكن في تعاملاته، إلا أن هذا لم يصرفه عن أدبه وشعره. وهذه الورقة تقف على صناعة الشعر عنده؛ ذلك أن التجربة الشعرية عند ابن خميس خصبة غنية، وهو شاعر مطبوع، تشكلت روافد إبداعه الشعري من عوامل كثيرة منذ طفولته، وامتدت بامتداد طموحه حتى تداخلت تجاربه الشعرية في جميع مناسبات الإصلاح والبناء في بلاده، كما تمثل في تجاربه الشعرية المواقف الراهنة للأمة العربية والإسلامية، وجعلها ترفد مسعاه للاقتراب من النصر، وإعادة الأمجاد العريقة، وكان في جلّ تجاربه يستدعي الشواهد المضيئة للأمتين العربية والإسلامية؛ لتعضد فكره وقوله. واستشرف الشاعر من خلال تجاربه مستقبل وطنه وأمته، ورسم في بعضها استراتيجيات التقدم والنهوض. وتتناول الورقة الجانب الوطني عنده؛ فلقد تربّع الوطن في جلّ نصوصه، ومحمولات الفن عنده تبدأ وتنتهي بهاجس الوطن؛ لذا فإن الشعر الوطني حمل وثائق تاريخية، تحكي مسيرة البلاد منذ التأسيس، ودائماً ما تشير إلى ماضي الوطن، فيكتسب الشاعر من المقارنات صوراً شتى، يقيم عليها مسيرة وطنه، كما كان شعره سجلاً حافلاً لعهود مضيئة من تاريخ بلادنا الغالية، وتوثيقاً لمناسباتها. وتكشف الورقة أن شعر ابن خميس يُعدُّ تجسيراً للفجوات بين الناشئة وتراثهم المهمّش؛ فأينما نظرتَ إليه تحتشد نفسك إكباراً وإعجاباً؛ إذ تتمثل فيه عيون الشعر بكل محققاتها التراثية. *** جهود ابن خميس في الأدب الشعبي: قراءة في الرؤية والمفهوم الشيخ عبدالله بن محمد بن خميس - رحمه الله - رائد عَلَم في الدراسات الأدبية والتاريخية والجغرافية واللغوية، وفي الصحافة مؤسساً وقلماً وطنياً غيورا مخلصا، ولا أظن أحداً من أدبائنا الرواد الموسوعيين أو حتى من جاء بعدهم قد عُني بالأدب الشعبي ونظر له، ودافع عنه مثلما فعل ابن خميس. كان ابن خميس يصدر في رؤيته وفي دراساته في الأدب الشعبي عن حس متجاوز لعصره ولكثير من مجايليه، كان ينطلق من أفق واسع عميق وشمولي في نظرته للأدب عامة، قديمه وحديثه، فصيحه وعاميه، وكانت ثقافته في الشعر الشعبي حفظاً ورواية وتوثيقاً ونظماً، وخوفه عليه من الضياع والإهمال بصفته ثروة أدبية وطنية هي من أسباب هذا الاهتمام الاستثنائي بهذا الشعر وشعرائه، ومن ثم جمعه ودراسته ولفت النظر إليه بوصفه قيمة فنية في أساليب نظمه وفي معانيه، ووثيقة اجتماعية وسياسية في تاريخ الجزيرة، وتاريخ القيم والعادات، وسيره الفروسية والفرسان، وهي كلها قضايا تحدث عنها كثيراً، وكررها مراراً في ثنايا مشروعه الكبير، وشكلت قناعاته ورؤيته للأدب الشعبي. كانت كتابته عن الأدب الشعبي في الجزيرة جزءاً من عشق ابنها عبدالله لجزيرته، وحلقة لا تكتمل كتاباته الأخرى عن الجزيرة: جبالها ووديانها وسهولها وصحرائها، جغرافيتها وتاريخها، إلاّ بها، كان الشعر الشعبي إضافة إلى أهميته الأدبية، أحد مصادره الرئيسة في الكتابة عن الجزيرة وهكذا تكتمل الدائرة عند ابن خميس. لقد قادته حماسته ورؤيته العصرية للبحث العلمي ومعرفته بلهجات الجزيرة، وبهذا الشعر معرفة الخبير والباحث المدقق، قاده إلى جمعه ودراسته في كل الوسائل المتاحة له: في كتبه ومحاضراته وندواته ومقالاته وفي برامجه الإذاعية وقضى سنوات طويلة من عمره كما أكد دائماً: «يخوض غمرات المعارك الكلامية على صفحات الجرائد وفي الإذاعة والتلفزيون، وفي الندوات والجلسات المنزلية مدافعاً عن الأدب الشعبي والتراث الشعري»، في الوقت الذي أحجم فيه الكثير من أقرانه عن الاهتمام بهذا الأدب بل عارضه بعضهم ووقف ضده لكونه – في ظنهم – يستخدم لغة أدنى من (اللغة الفصحى وبالتالي لا يرون له أي أهمية بل يعتقدون بخطورته على اللغة الفصحى ، وقد قاسي كما يقول، في إفهام كثير من معاصريه – أنه من أشد الغيارى على لغة القرآن وأنه حين يتبنى الشعر الشعبي وينتصر له ليس من دعاة العامية ومروجيها، ويربأ بالحريصين على لغتنا وأدبنا أن يأتوا للبقية الباقية من السليقة العربية والفطرة فيحاولوا طمسها بحجة أن هذا الشعر دخيل ومعول هدم لأدبنا ولغتنا. في ظني أن الحديث عن الأدب الشعبي في دراسات ابن خميس يتطلب ملتقى خاصاً عن جهوده في هذا الميدان؛ لكثرة المحاور التي يمكن أن تندرج تحت هذا الملتقى، وتعدد القضايا والموضوعات التي أثارها ابن خميس في دراساته في الأدب الشعبي والشعر خاصة؛ لذلك فإن هذه الورقة مهما كانت المساحة المخصصة لها والأهداف التي انطلقت منها لا يمكن أن تتوقف - بشكل كامل - عند كل القضايا والآراء التي طرحها ابن خميس، وحسب هذه الدراسة أن تكون بالنسبة لي مغامرة ممتعة وجميلة في أوراق ابن خميس وما لا يدرك كله لا يترك جُله. *** إسهامات عبدالله بن خميس في مجالَيْ الآثار والتاريخ لقد عاش الشيخ عبدالله بن محمد بن خميس عمراً مديداً، تجاوز التسعين عاماً، قضاها في العمل الإداري والبحث العلمي الذي تفرغ له بعد تقاعده من رئاسة مصلحة مياه الرياض. وتعكس أعمال ابن خميس المنشورة الجهد الكبير الذي بُذل ليخرج بما خلف من مادة علمية مكتوبة، شملت مجالات عديدة، منها: الجغرافيا، البلدانيات، الطرق التجارية، المعالم، التاريخ، الشعر الفصيح، الشعر النبطي، اللغة العربية والأماكن. كما أنه من رواد الرحلات الميدانية وزيارات المعالم والأعلام والمناهل ومسارات الطرق البرية، وأسهم مساهمة فعالة في المجال الإعلامي بتأسيسه مجلة الجزيرة، ورئاسة تحريرها، والنشر فيها لمدة أربع سنوات قبل أن تُحوَّل إلى مؤسسة، هذا إلى جانب مساهمته في البرامج الإذاعية، وجمع وتدوين الشعر النبطي والعربي الفصيح. الاهتمام بالآثار والتاريخ القديم ولع وشوق قبل أن يكون تخصصاً، وهذه هي حال الشيخ عبدالله بن محمد بن خميس متخصص اللغة العربية والعلوم الشرعية، عشق مجالَيْ الآثار والتاريخ؛ فكتب فيهما معلومات كثيرة، ضمّنها في كتبه العديدة التي نشرها؛ لتُشكل رافداً من روافد المعرفة بآثار وتاريخ المملكة العربية السعودية، وبعضها بقي حياً في كتبه بعد أن درس أو حُجب بمنشآت النهضة العمرانية والصناعية والزراعية في بلادنا. ويهدف هذا البحث إلى إلقاء الضوء على تلك الجهود لتبيان دور رائد من رواد التأليف في بلادنا الحبيبة، والجوانب التي يجب أن تستدرك في حالة إعادة طباعة أعماله وفق مناهج العلم الحديثة، وهو الشيء الذي نتمناه خدمة لتراث الشيخ والمحافظة على تطويره واستمراره وبقائه. ونحن الأثريين في مقدمة من يقدرون جهود الشيخ عبدالله بن محمد بن خميس؛ إذ إنه من الباحثين المبكرين في عهد الدولة السعودية في دورها الثالث، الذي شاركنا في همنا العلمي، وهو البحث في الآثار وأطلال الأمم القديمة، من خلال ذكره الآثار والبلدان والتراث والمعالم والأماكن القديمة والتراثية. وإلى جانب كتاباته المتعددة تميَّز بالكتابة عن مواضيع متخصصة، مثل كتابته عن «الدهناء ومسالكها»؛ إذ تحدَّث عن مساراتها التي تربط وسط المملكة العربية السعودية بشرقها، وكتابته عن «الذنائب»، وبحثه عن «علاقات شبه الجزيرة العربية ببلاد الشام». *** منهجية عبدالله بن خميس في رصد المواضع في المعاجم الجغرافية تعرض الورقة ابتداء نماذج من المعاجم الجغرافية التي أصدرها الشيخ عبدالله بن خميس، مع التركيز في هذا العرض على تفصيل سردي لمحتويات هذه المعاجم والأهداف المنهجية التي حققتها. وتناقش الورقة الإجراءات المنهجية التي اتبعها الشيخ ابن خميس في رصده المواضع الجغرافية في تلك المعاجم، مع شرح المصادر المعرفية لهذه المنهجية. وتشمل الورقة تفصيلاً للخطوات المنهجية التي اتبعها الشيخ ابن خميس في رصد المواضع الجغرافية التي شملتها معاجمه المتنوعة. وتختتم الورقة بأنموذج يعبّر عن المنظومة التكوينية وحديات الحسم المنهجية التي وظفها ابن خميس في رصد المواضع الجغرافية في مختلف المعاجم التي أصدرها. كما تتضمن الورقة مجموعة من الرؤى والتوصيات للعمل المستقبلي في رصد المواضع الجغرافية بشكل عام، أو توظيف المادة العلمية الثرية التي حوتها تلك المعاجم بشكل خاص. *** تجربة عبدالله ابن خميس في إعداد البرامج الإذاعية : برنامج من القائل أنموذجاً تلقي هذه الورقة الضوء على جوانب من تجربة الشيخ عبدالله ابن خميس -رحمه الله- الإذاعية في مجال إعداد البرامج وما تركه من أثر واضح في مسيرة البرامج الأدبية والثقافية في إذاعة الرياض بخاصة وفي الإذاعات العربية بشكل عام. وتكشف هذه الورقة أن الشيخ عبدالله بن خميس بدأ في تسجيل حلقات برنامج (من القائل؟) في شهر ذي الحجة عام 1402ه، وبدأ بث أول حلقة في غرة شهر محرم عام 1403ه، وأن عدد حلقات البرنامج بلغت ثلاثاً وسبعين حلقة، مدة كل حلقة نصف ساعة، وكان البرنامج يذاع أسبوعياً مرتين: مرة للحلقة الجديدة وأخرى إعادة لها. وتتناول الورقة منهج ابن خميس في تقديم البرنامج وتعامله مع مستمعي برنامجه، إذ كان يؤمن بالشفافية ويتقبل النقد الهادف بصدر رحب، وكان ابن خميس حريصاً أشد الحرص على الأمانة العلمية في النقل والإجابة، وحين لا يجد إجابة عن قائل بيت يقول: (لم أعثر له على قائل). وتتضمن الورقة حديثاً عن مكانة البرنامج في خارطة البرامج الثقافية في الإذاعة السعودية، فلقد احتل مكانة عظيمة لدى المستمعين والمستمعات واتضح ذلك جلياً من الإقبال الكبير على طلب نسخ حلقاته المذاعة والطلب المتزايد على اقتناء كتاب (من القائل) بأجزائه الثلاثة.