حتى قبل أن تبدأ مباحثات (جنيف2) كان متوقعاً أن ينسف وفد بشار الأسد المباحثات؛ فهدف نظام بشار هو المماطلة بعد أن اعتقدوا أن الوضع الميداني لصالحهم بعد استرجاع بعض المناطق والمدن السورية من المعارضة، عبر المليشيات الإرهابية ك(داعش والنصرة) اللتين ثبت تنسيقهما مع النظام، حتى وإن ادعى العكس؛ ولهذا فقد عمد وفد نظام بشار الأسد في مباحثات (جنيف2) إلى المماطلة، وانتهاج نهج ألوية البحث، على طريقة (الدجاجة أم البيضة أولاً)؛ إذ يطالبون بالبدء ببحث مواجهة الإرهاب، رغم أن الجميع يعلم مَن يدعم الإرهاب ومَن استدعى منظماته الإرهابية، سواء داعش أو القاعدة، والتنظيمات والفصائل الإرهابية الطائفية من مليشيات حسن نصر الله ومليشيات أبو الفضل العباس، وأن من فعل ذلك هو النظام نفسه من خلال تجنيد مخابراته للعناصر الإرهابية لخبرتهم وتاريخهم في التعامل مع هذه العناصر الإرهابية. وهكذا، انتهج وفد بشار الأسد أسلوب التسويف في المباحثات من أجل إفشالها، أو على الأقل مدها أوقاتاً إضافية معتقداً أن قواته والعناصر الإرهابية المتعاملة معه من كلا الطرفين ستحسم الوضع، وتقضي على المعارضة الوطنية السورية؛ ولهذا فإنهم لا يعولون على المباحثات، وقد حضروا من أجل كسب الوقت. إلا أن هذه الاستراتيجية كشفت للقوى الدولية والإقليمية طبيعة هذا النظام أكثر فأكثر، وبخاصة الإدارة الأمريكية التي تواجه ضغوطاً، ليس من حلفائها الدوليين والإقليميين بل من الشعب الأمريكي ومؤسساته الدستورية؛ إذ بدأ الكونغرس الأمريكي تحركاً، سيفرض على الإدارة الأمريكية اتخاذ مواقف أكثر حزماً من قبل، وفعلاً بدأ الرئيس باراك أوباما يتحدث عن خيارات سياسية جديدة، وهو ما سيشكل صدمة كبيرة لنظام بشار الأسد وحلفائه الذين يعتقدون أن الموقف الأمريكي لا يتطور. وقد أثبتت التحركات في واشنطن وفي العواصم الغربية أنهم مخطئون؛ لأنه - كما أفصح محلل سياسي أمريكي بارز - للصبر حدود..!! خاصة بعد السلوك غير المتعاون لوفد نظام بشار الأسد في (جنيف2). وقد تداولت الدوائر العسكرية والأمنية الأمريكية معلومات بأن من بين خيارات الرئيس أوباما الجديدة مد المعارضة المعتدلة بسلاح نوعي، وهو ما كشفه رئيس الائتلاف الوطني السوري أحمد الجربا، الذي وعد الثوار السوريين عند زيارته لمحافظة إدلب غرب سوريا بأن السلاح النوعي سيتدفق عليهم. المعلومات الواردة من واشنطن وأقوال أحمد الجربا وتأكيدات جون كيري، إضافة إلى الانتصارات التي حققها الجيش السوري الحر وعجز قوات بشار الأسد والمليشيات الطائفية في معركة القالمون، تؤشر جميعها إلى تحولات نوعية قادمة على الأرض؛ ستجبر نظام بشار الأسد على الانخراط بجدية في مفاوضات (جنيف2) في جولتها الثالثة.