يزخر القرآن الكريم بخطاب مسالم جانح للحياة معاد للعنف وذلك في مواضع عدة منها: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ ادْخُلُواْ فِي السِّلْمِ كَآفَّةً وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ} {وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ} {تَحِيَّتُهُمْ يَوْمَ يَلْقَوْنَهُ سَلَامٌ وَأَعَدَّ لَهُمْ أَجْرًا كَرِيمًا} {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُو أعلم بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُو أعلم بِالْمُهْتَدِين}. {فَإِنْ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمْ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلا}. {وإِذَا خَاطَبَهُمْ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلاَما}. وقد انتصر الأمر الملكي المانع للقتال خارجا والمعاقب للمحرضين عليه -انتصر- للحياة والسلم ومقاصد الشريعة الإسلامية التي تعلي من قيم الحياة وإعمار الأرض.. وأغلق الطريق على كل من يلمح إلى أن الدولة تعطي الضوء الأخضر للراغبين في السفر لدول الحروب والفتن. القرار يوثق منهج الدولة الحديثة وتطلعها للتنمية ويؤصل فيها سمة السلم والجنوح إليه دائما كخيار استراتيجي لا مناص منه فالظروف السياسية تتغير والمصالح تتبدل وعدوك اليوم قد تتطلب المرحلة أن يكون صديقك فكن دائما على ثبات في أصولك المنهجية وسياساتك العامة أما طرائقك واستراتيجياتك فلا بأس بتبدلها حسب ما يتطلبه الزمان والمكان والأحداث. الدولة الحديثة هي الدولة التي تبني مواقف اليوم وهي لا تنفك عن التفكير بالغد وما بعد الغد. ومثلما أننا لا نريد لأبنائنا أن يكونوا وقود حرب فلن نسمح لأحد بأن يجعل من أرضنا ساحة عمليات لمعارك طائفية وحزبية. وهذا يتطلب منا عملا جادا على نزع الأفكار الجانحة للتطرف المائلة دائما إلى سوق المبررات والمسوغات للإرهاب وإسباغ عليه من المصطلحات ما يجعله مرغوبا لدى زمرة من الشباب. يتطلب الأمر عملا مضنيا على تجفيف منابع التشدد وثقافة الموت من التعليم تحديدا فالتعليم والسياسة وجهان لعملة واحدة وبينهما علاقة طردية فكلما تحسن التعليم تحسنت السياسة والعكس صحيح وهذا حديث ما بعد الغد بإذن الله.