سياسة الوصاية على المواطنين والمواطنات والتعدي على أنظمة الدولة ومؤسساتها هي امتياز صحوي حركي بامتياز، منذ سنوات ونحن نواجه سنوياً مواجهات مع مجموعات من الذين يحاولون طلبنة المجتمع السعودي وتحويله لنسخة ثانية من إمارة طالبان المتشددة البائدة، يحرّضون المراهقين والشباب المغرر بهم لتنفيذ أجندة الصحوة القائمة على مواجهة الدولة بمريديهم المراهقين والشبان من أجل الوصول لمصالحهم الشخصية، والتاريخ يعيد نفسه، وأحداث الصحوة إبان حرب الخليج وبعدها هي ما فضح أطماع الصحويين. أين هؤلاء عن مواطن الفساد في الدوائر الحكومية؟ لم نسمع يوماً أن مجموعة من هؤلاء المتطرفين قاموا بالاحتساب على إحدى الوزارات أو الدوائر بسبب وجود فساد مالي أو إداري. ما حدث في محلات النوري في مكةالمكرمة من تجمع نتج عنه قطع أرزاق سيدات يعملن بجد وشرف لإعالة أسرهنّ هو أمر لا يقرّه الدين الحنيف ولا العادات ولا التقاليد ولا النخوة أو الشهامة العربية، إغلاق أبواب العمل الشريف في وجه المرأة سيجر لنتائج وخيمة على المجتمع، فنسبة البطالة لدى النساء أكثر من 70%، وأبواب العمل لهنّ محدودة جداً ورغم ذلك يحاول هؤلاء المتطرفون إغلاقها. المرأة هي جزء من نسيج المجتمع لها الحق في العمل وأنظمة وقوانين الدولة كفلت لها ذلك الحق، وليس لمجموعة من المتطرفين منعها منه.يحاول الصحويون منذ سنوات العودة للساحة السعودية بعد أن لفظهم المجتمع بسبب التطرف والوصاية التي كانت تمارس باسم الدين (الذي هو منها بريء) أكثر من 25 سنة، لكن حين نعود لديننا الحنيف الوسطي نعلم أن هؤلاء هم متشددون متنطعون ولنا في الآيات والأحاديث خير برهان ومنها (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)، وخاطب رب العزة نبيه الكريم بالقول (وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ )، وفي حيث ابن مسعود رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «هلك المتنطعون.. قالها ثلاثاً» رواه مسلم. والمتنطعون هم المتعمقون المشددون في غير موضع التشدد، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (إياكم والغلو في الدين، فإنما أهلك من كان قبلكم الغلو في الدين)، وعن أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: (بال أعرابي في المسجد، فقام الناس ليقعوا فيه، فقال النبي صلي الله عليه وسلم: دعوه وأريقوا على بوله سجلاً من ماء أو ذنوباً من ماء.. فإنما بعثتم ميسرين ولم تبعثوا معسرين)، وعن النبي عليه الصلاة والسلام قال (ما كان الرفق في شيء إلا زانه وما نزع من شيء إلا شانه). يجب على جهات الاختصاص الوقوف بحزم ضد ممارسات الوصاية الصحوية التي تضرب عرض الحائط بالدولة ومؤسساتها وأنظمتها وقوانينها. فنحن في وطن يطبق الشريعة الإسلامية السمحاء الخالية من كل تشدد وتطرف وغلو، ومن لا يريد السماحة والوسطية فليذهب لكهوف أفغانستان ليؤسس دولة طالبانية جديدة.