قبل خمس سنوات (1430ه), كتبت هنا مقالة ترحيبية بعنوان «الأمير ابن الملك: أرحب في نجران: في مسرح الضوء والصوت»؛ وعرضت فيها عن مشاعر الفرح التي عمت أرجاء نجران بتعيين صاحب السمو الملكي الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز أميراً لنجران. وكان لتلك المشاعر مبررات يعرفها من يعرف واقع نجران حينئذ. وتبع ذلك التعيين شهور من الاحتفالات ومهرجانات الاستقبال التي كان من حسناتها أن مكنت الأهالي من استمرار التجمع والتواصل والاحتفال الذي ولد مناخاً اجتماعياً إيجابياً انعكس في السنوات التالية على كثير من الفعاليات التي أبرزها مناسبات اليوم الوطني. وبمناسبة تعيين الأمير مشعل بن عبدالله أميراً لمنطقة مكةالمكرمة, وتوديعه لنجران وأهلها أجد نفسي محملاً بالخواطر التي أثق أنها تعبر عن مشاعر الكثير في نجران. فقد كان لي شرف أن كنت ضمن الفريق المرافق القادم من الرياض في صحبة سموه، حيث بقيت أسبوعاً كاملاً عرفت فيه الكثير من شخصية سموه ورؤاه الطموحة لمستقبل منطقة نجران؛ وعرفت عنه الكثير بعد ذلك. وقد صاحب وصول الأمير لتسلم مهام منصبه استقبالات حافلة، حيث خرج المواطنون على طرق طويلة في مسار موكب وصوله من المطار إلى حيث مقر الاستقبال في يوم لا ينسى في الذاكرة النجرانية. ومن الأمور المبكرة التي جعلته قريباً من الأهالي وأحبوها في شخص سموه أنه بادر في اليوم التالي لوصوله بزيارة ميدانية لأرجاء حاضرة نجران، شاهد خلالها قرى نجران عبر الطريق الدائري المحيط بنجران من كل جهاتها، وشاهد المواطنون سرعته ورغبته في التعرف على المنطقة وسكانها. وزار الأمير ومرافقوه القصر القديم بمنطقة أبا السعود المركز الحكومي السابق في نجران, وسد وادي نجران, والأخدود الأثرية التي تعد عاصمة نجران القديمة ومفخرة أهلها بما يحتويه موقعها من أحداث خلدها التاريخ. ومن المعلوم أن أمير المنطقة - أي منطقة - يدير شئون منطقته عبر عدد من الدوائر الحكومية الممثلة للوزارات والهيئات ولا يملك قراراً مستقبلاً في شئون إدارتها وميزانياتها. ولكنه في الجانب الآخر مسئول مباشر للمضي بإدارة شئون المنطقة من خلال الرؤية الحكومية وما لها من خطط مرحلية في شتى المجالات ويضع بصمته الشخصية وهمه في محطات كثيرة تحسب له تفكيراً وتخطيطاً ومتابعة ومحاسبة وتنفيذاً؛ وكان للأمير مشعل بن عبدالله في هذا الجانب محطات تحسب لسموه. ورغم أن خمس سنوات تعد فترة قصيرة للحديث عن منجزات تم التفكير فيها والتخطيط لها واعتماد ميزانياتها ثم طرحها للتنفيذ وعرضها للإفادة منها بعد إنجازها. ولكن سموه ترك جملة من المنجزات والقضايا التي وضعت نجران على خارطة طريق التنمية في مسارات واضحة نتمنى أن تتضافر الجهود لإتمامها وجعلها منطلقات نحو آفاق أجمل وأكثر تطوراً. وفي الجانب العملي فإن القدرة على إيجاد مناخ اجتماعي صحي ومتسامح يعد من أهم مقومات الكفاءة في الإدارة المحلية وفلسفة الإدارة والقيادة على المستويات كافة. وما لم ينجح القائد والمسئول في تحقيق بيئة اجتماعية إيجابية فلن تحسب له أية منجزات مادية. وسوف يسجل التاريخ للأمير مشعل بن عبدالله نقطة فارقة ونجاحاً ملموساً في هذا الشأن الذي يحسبه المهتمون بشئون الإدارة والاستقرار الاجتماعي أهم مؤشرات النجاح. وكان واضحاً للمجتمع النجراني تواضع الأمير وسمو روحه وقربه من الناس منذ الأيام الأولى. فهو يتمتع بثقة وهدوء في شخصيته وبسعة بال وبساطة في التواصل مع الناس مما منحهم أيضاً الثقة في تعاملهم معه. كما أن قدرة سموه على الإنصات ومنح الناس أكبر فرصة لقول ما لديهم قد مكنته من الوصول الى قلوب الناس. ولأن سمو الأمير يتعامل بذلك النبل وبتلقائية ليس فيها تكلف فقد كانت شخصيته أكثر وضوحاً وقرباً لمن يتعامل معه. وأمضى الأمير مشعل بن عبدالله هذه السنوات الخمس أميراً لمنطقة نجران وهو يزيد حباً وتقديراً ومكانة لائقة بسموه في الوعي النجراني في إجماع مشهود. ومن الطبيعي أن تعد المنجزات سلسلة متواصلة من العمل الحكومي الذي ترعاه الدولة؛ إلا أن سرعة إنجاز المعتمد سلفاً وجودة تنفيذه يحسب للإدارة المحلية المسئولة وذلك من أبرز ما تحقق في فترة إمارة الأمير مشعل بن عبدالله. فقد تم افتتاح مطار نجران ثم أتبع بعمل سمو الأمير على تحقيق رغبة الأهالي في جعله مطاراً دولياً تصل إليه رحلات من خارج المملكة مما أكسب المنطقة ومجتمعها بعداً جديداً في السفر والسياحة. وفي قناعتي الشخصية أن الإعلان عن اعتماد طريق بري مباشر بين نجران وجازان على البحر الأحمر سوف يسجل بأنه أهم منجزات سمو الأمير مشعل بن عبدالله، نظراً لما سيكون لهذا الطريق من فوائد كبيرة لمنطقة نجران لا يتسع المجال لذكرها. إسكان الملك عبدالله الخيري ومنحة خادم الحرمين بأرض سكنية كبيرة كانت مخصصة لوزارة الدفاع سوف تشكل نقلة مهمة في سد حاجة السكان. ومنشآت صحية واعدة ومدينة رياضية مع دعم مشهود للرياضة؛ وحدائق ومشروع تشجير نجران واعتماد منشآت لنادي نجران. تخطيط وإنشاء قرية نجران المتميزة اليوم بالجنادرية ودعم مشاركة نجران في فعاليات المهرجان الوطني للتراث والثقافة. والكثير من المنجزات الجديدة والتكميلية التي تصب جميعها في جعل نجران المستقبل أجمل وأفضل بإذن الله. وفي الجوانب الفكرية والاقتصادية وتنشيط المجتمع، تم افتتاح المنتدى الاقتصادي في دورتيه الأولى والثانية ومد جسور التواصل اقتصادياً عبر فعاليات المنتدى بين نجران والمستثمرين من داخل المملكة وخارجها. كما نشطت الحركة الثقافية في فعاليات مشهودة ومستمرة عبر نادي نجران الثقافي وجمعية الثقافة والفنون بنجران وملتقى نجران الثقافي. ومن أبرز الفعاليات مهرجان قس بن ساعدة في دورتين متتاليتين، ولولا ذلك الدعم البارز من سمو الأمير ما كان له أن يحقق صدى كبيراً على المستوى الوطني. كما أصبح لنجران مهرجاناً صيفياً مشهوداً بكثافة جماهيره وجودة فعالياته بدعم الأمير ورعايته مما أوجد فعاليات ولقاءات مصاحبة منحت المجتمع النجراني أبعاداً اجتماعية سارة وكثيرة. ويصعب حصر ما تحقق لسمو الأمير وما خطط له في فترة إمارته لنجران؛ وليست هذه المقالة إلا مجرد إشارة أعبر فيها عن مشاعر شكر وامتنان يحملها أهالي نجران؛ مصحوبة بصادق الدعوات لسمو الأمير مشعل بن عبدالله في منصبه الجديد الأكثر أهمية وشرفاً لنا جميعاً, وهي إمارة مكةالمكرمة. وفي وداع سمو الأمير مشعل بن عبدالله تحدث الكثير من أهالي نجران وقيل الكثير في الثناء على شخص سموه؛ وهو بحق قد كسب ذلك بجدارته وسيبقى التاريخ شاهداً على مرحلة قصيرة انتهت بما فيها من مشاعر مختلطة. وأختم بعرض أكثر الخواطر النجرانية تميزاً وانتشاراً، وهي خمسة أبيات من الشعر النبطي صاغها الشاعر الشاب مانع بن برود؛ وأجاد في إنشادها وأدائها بلحن جميل، ونشرها عبر وسائل التواصل الاجتماعي الشاب الرائع سعد اليامي؛ تقول كلماتها: «مع الله وجعلك يا حفيد الملوك بخير.. من لسان نجراني ومن قلب نجراني.. لو أن غيبتك عنا يا مشعل لها تأثير.. دموع المفارق كلها يسبق الثاني.. عرفناك وافي ما يجي حولك التقصير.. وفعلك ينومس كل يامي وهمداني.. حنيني حنين مهجرعات تحث السير.. حداها الضما ومطرف الدار مقطاني.. بعد ما تفاجأت بخبر روحتك يا أمير.... خبر روحتك كنه خبر روحة إخواني». وهذا رابطها: http://www.youtube.com/watch?v=3hXHF8-7k-gالجزيرةfeature=youtube_gdata_playerالجزيرةdesktop_uri=%2Fwatch%3Fv%3D3hXHF8-7k-g%26feature%3Dyoutube_gdata_playerالجزيرةapp=desktop