باسم الله الرحمن الرحيم أبدأ وبه أختم وعليه أتوكل وإليه أتوسل أن يهبك يا معالي وزير النقل السعد والطمأنينة، ويعصب رأسك بتاج العافية وأن يحميك ويحفظك ويلطف بك ويعينك على ما أنت عليه من تعب وسهر وتشعب في العمل وكبر في المسؤولية الوزارية والمهنية والإدارية والإشرافية.. يا معالي الوزير، آمل أن تصلك رسالتي وأنت بكامل الصفاء الذهني والحلم والهدوء، كما هي عادتك وديدنك وطريقتك وأسلوبك دائما، كما آمل أن لا تصيبك رسالتي هذه بكدر أو تطير النوم من عينك أو تحاصرك بالحزن أو بالغضب، لكني يا معالي الوزير عندنا في الشمال طريق يسمى مجازاً - دولي - لكنه قديم وعتيق مصفر وشاحب يمر به المحاذون والعابرون والمسافرون من أقصى حدود الخليج واليمن إلى ألمانيا، يمتد هذا الطريق من حفر الباطن شرقاً إلى منفذ الحديثة شمالاً، لقد أصابني سوء حاله المزمن ونقص عافيته وضعفه بالأرق، فوجدت أن أكتب إليك، بعيداً عن الطلسمة والألغاز والإيحاء والتدثر بالحروف والتزمل بالمفردات، بحقيقة لا تأتيها الباطل من بين يديها ولا من خلفها، وبيني وبين الزلل جبل من نار، إنني أكتب إليك يا معالي الوزير مباشرة تبياناً لحال هذا الطريق الهزيل وإيضاحاً للواقع والحاصل من الحوادث اليومية الكثيفة والمميتة لكل الأجناس والملل والنحل المقيمون منهم والعابرون المسافرون والسائحون، لعلك بعد هذا تقوم بشيء يرفع الحيف والقصور والتردي عن هذا الطريق الواجهة، لقد ألزمت نفسي قبل الشروع بالكتابة إليك أن أنقل لكم حقيقة الواقع بعيداً عن لغو الحديث وبريق المفردة وغواية الكلام، إنني يا معالي الوزير لا أذهب إلى الكثير من الكلام ولا أحبذه بل لا أجيده ولا أتقنه، وبإمكاني أن أكون كاتبا متأملا أو قارئاً متمعناً أو مستمعاً منصتاَ، وبإمكاني أن أقول لا حيلة لي ولا قوة، لكنني يا معالي الوزير وأنت الإنسان الواعي والمدرك، الكتابة الواعية المنصفة عندي خير ما تبقى وخلد وحمد وتأبّد ولي منها حتى اللحظة المبروكة، الشيء الكثير ولدي المزيد، ومفرداتها عندي سمينة وأنيقة، لقد أبدعت يا معالي الوزير في عملك طوال سنوات وجودك وأسعدت وأثلجت صدور الكثير من الناس، وصنعت الكثير من الأعمال الجليلة في مجال عملك، جل الناس يقولون ذلك ويثنون عليك بغير حساب، لكن في ذهني وبين يدي سلة قصص ونصف سلة مكاتيب وحكايات ومآسي عما فعل هذا الطريق بالناس؟ وكيف أبكى الكثير منهم وخضب مقلهم وقلوبهم بالكاء والأنين؟ وكيف هزم الحياة فيهم وسرقها منهم؟ وبالتأكيد قد اطلعت أنت يا معالي الوزير على ما سمحت به عينك وقرأت ورأيت بعضاً مما ذهبت أنا إليه ووقفت عليه، يا معالي وزير النقل حفظك الرب وأعانك على ما أنت عليه من كبير عمل، آمل بشغف أن تزيل علة هذا الطريق، وتطمس صفرته، وتعدل عوجه، وتساوي حفره، وتأتي له بالدواء الناجع، وتجعله دولياً حقاً، وليس دولياً مجازاً. وختم رسالتي ومسكها يا معالي الوزير أسأل العادل الملك القدوس البديع الجميل، أن يصوب وجهك وييممه صوب هذا الطريق الواقع في مفازة حالكة في صحراء مرملة، لكي يصير بعدها طريقاً تحفة تتعجب منه العيون والألباب، بعدها حتماً سيدعون لك ربهم وربك والعالمين بأن يجازك كل الجزاء على ما صنعت.