ما أصعب أن يمر الإنسان بمرحلة نكران الجميل ومجازاة أصحاب الأيادي الطولى بالجحود، ذلكم هو حال «الولد الشقي» عباس إبراهيم، حيث تخلى عمن قدموه في بداياته، ويأتي في مقدمتهم الملحن القدير سامي إحسان، والأمير محمد العبدالله الفيصل، والأمير بندر بن فهد، الذي رسموا له صورة وازته مع فنان العرب محمد عبده، وهو لا يزال في ألف باء الغناء، فظهر كسرعة البرق ليخطف الأضواء من بعض الفنانين الذين ظهروا معه في نفس المرحلة، إلا أنه لم يكن على قدر ذلك الدعم المعنوي والمادي، وبمجرد أن تفتحت له آفاق الشهرة والنجومية أكثر إلا ورمى كل هذه الأسماء خلف ظهره مطاردا السراب فاختفى منذ عامين فلم يعد له حضور يذكر، لا على مستوى الألبومات أو الحفلات الرسمية وكذلك الإعلام، لتعلم يا عباس أن النجومية تحتاج إلى الكثير من الوفاء ورد الجميل لأصحاب الفضل مهما كان الأمر، هم ساندوك ومدوا أيديهم لك وأنت بحاجة ماسة إليهم، نقدر أن إمكانياتك الصوتية كبيرة «ما شاء لله تبارك الله»، ولكنها بحاجة إلى تلك الجملة اللحنية التي تجعلك تأخذ نفسا عميقا وأنت تصدح بها؛ فجمهور «ناديت» و»منت فاهم»، يرفض أي عودة أو تراجع لك غير مبرر، نحن نشيد بحضورك السنوي عبر الأوبريتات التي تقام هنا وهناك، ولكن ثق أن هذه الفعاليات جمهورها محدود ولا تغنيك عن التواجد الذي نأمله منك كمتابعين لك منذ اللحظة الأولى لدخولك الوسط. لا يزال عالقا في ذهني أن ظهورك في أوبريت «وحدة وطن»، في افتتاح مهرجان الجنادرية العام الماضي كان الأضعف، وذلك بسبب مراهنتي في نفسي عليك كصوت وأداء يتفتق من داخله الطرب، كنت الأقل حضورا تلك الليلة وخذلتني يا صاحبي، ولكن لا يزال الأمل يمر شفيفا أمام عيني كلما انتابتني صوب جديدك الفني سوء الظنون، أنت أيها الفتى الشقي.. اعلم أن الساحة تقدم من فترة لأخرى أسماء تحضر وتعلق في أذهان الناس وتمتلك كاريزما التواصل الفني مع الجمهور، وليس التقوقع الذي يصيب الفنان في مقتل، خاصة إذا ما كان في أول مشوار الألف ميل، وخطواته غير مرتبة أو واضحة.