مع إشراقة كل يوم جديد أتلقف ما يجود به موزعو الصحف اليومية لأجول بناظري عسى أن يقع على خبر أو صورة أو مقال يعطر يومي وأسر به ولكن وبكل أسف الأخبار والصور والتحاليل هذه الأيام تصيبك بالغثيان والغم والنكد وتكدر صفو عيشك. وقع نظري في يوم من أواخر أيام شهر رمضان المبارك على خبر وصور غير سارة تناقلتها جريدتا الجزيرة والرياض المقروءتين لدي. والخبر يقول: إن أحد المواطنين عزم على المسير للديار المقدسة للعمرة واصطحب معه عائلته المكونة من زوجته وطفليه ورافقه سبع من العائلات التي ترتبط بصلة قرابة معه. كل في مركبته وعند توقفهم في إحدى محطات الوقود للتزوّد به كانت أمامهم إحدى المركبات التي تتزوّد بالوقود وكان صاحب المركبة يستعجل عامل المحطة بإخراج لي التعبئة من خزان سيارته ولم ينتظر صاحب المركبة قيام العامل بواجبه إذ هرب بسرعة مما أدى إلى انفجار هائل في المحطة وفي المركبات التي تنتظر دورها للتزوّد بالوقود وهي مليئة بالعائلات من كل الأعمار. مفاجأة ما حدث وفي يوم من أيام رمضان والجميع صيام متجهين إلى بيت الله الحرام يبتغون فضلاً من الله ورضواناً. قوة الانفجار وسرعة اشتعال النيران في المركبات ومن فيها من شيوخ ونساء وأطفال أصاب الجميع بالصدمة والذهول وجعلهم يهيمون على وجوههم والنيران تشتعل في البعض منهم. كان هذا المواطن الصالح إن شاء الله في مقدمة الركب فأصيب وزوجته بإصابات بليغة لم يستطع فيها عمل أي شيء. قيّض الله لهم صاحب سيارة (جيمس) من الإخوة الأشقاء من أرض الكنانة فحمل الأشد تضرراً إلى أقرب مركز صحي لتلقي الإسعافات الأولية ليتم بعدها نقلهم لتلقي العلاج في المستشفيات الكبيرة بمدينة الرياض. صاحب تلك السيارة التي جرت تلك الكارثة النكراء ولى هارباً ومضت أيام ولم يعثر عليه ولعله ممن لعبت بعقولهم المخدرات وعسى أن يلقى جزاءه الدنيوي قبل الأخروي، وهذه بكل أسف أمور تحدث بين الحين والآخر وكان بعض أصحاب محطات الوقود بدل أن يضعوا الرمل في العبوات بجوار (طرمات) البنزين يضعون الحجارة ليقذفون بها من تسوّل له نفسه المريضة عملاً كهذا علماً أن البنزين لدينا نحسد عليه لرخص ثمنه، بل إن صندوق النقد الدولي يطالب حكومتنا الرشيدة برفع سعره، ومن المعلوم أنه من المواد التي يتم تهريبها إلى دول الجوار والأبعد منها مثل ما يتم تهريب المواد الغذائية المدعومة مما جعل بلادنا تحتل المركز السادس عالمياً في استهلاك المواد الاستهلاكية وكأن تعداد السكان فيها يبلغ مئات الملايين لكثرة الثقوب التي تتسرب منها المواد وإسرافنا في كل شيء وبلادنا حباها الله من أكبر وأكثر الدول ليس استهلاكاً للارز والمواد الغذائية فحسب بل وللسيارات والأجهزة الكهربائية وغيرها وحتى السجائر حمانا الله وإياكم من كل مكروه. أعود إلى موضوع محطات البنزين وغالبيتها إن لم تكن كلها في حالة بين المتردية والنطيحة ولو افترضنا أن المستأجر منها ببعض المقيمين في بلادنا أو هي منشآت فردية متواضعة يهدفون منها جني الأرباح على حساب الاهتمام بالمخبر والمظهر بل حتى الشركات الكبيرة محطاتها في حالة يرثى لها ولا تتوفر فيها وسائل سلامة تامة أو دورات مياه مقبولة أو مساجد نظيفة أو أي خدمات على مستوى مقبول وقد يكون من الواجب إلزام أصحاب هذه المحطات بشروط ومواصفات عالمية تحقق السلامة والأمن وتليق بمكانة ومستوى العيش في بلادنا ولعل تجهيزها بكمرات مراقبة ووجود سيارة أمن أصبح أمراً ضرورياً خاصة بعد وجود صرافات البنوك ضمن الخدمات المقدمة لروادها، فالمال يغري ويغوي مع وجود عمالة من كل البلدان. وبعد فهذه بعض الآراء عنَّ لي تدوينها على عجالة مساهمة مني في خدمة أهلي وعشيرتي وهم كل الناس فنحن إخوة في الدين والدم وذمة الواحد منا في ذمة الجميع. والله الهادي إلى سواء السبيل