أعرب الرئيس التركي عبدالله غول عن أمله في عودة العلاقات التركية المصرية إلى المسار الطبيعي بعد أن أقدمت الحكومة المصرية على طرد السفير التركي على خلفية تدخلات أردوغان في الشأن الداخلي المصري، بينما تزامن مع ذلك تصريحات لرئيس الحكومة التركية رجب طيب أردوغان تتضمن «أنه لن يحترم أبداً أولئك الذين يستولون على السلطة بانقلاب». بالنظر إلى هذه التصريحات المتناقضة يتضح لدينا أن هناك خلافاً داخلياً على السياسيات الخارجية للبلاد قد تكون ألقت بظلالها على الصراع القديم على الرئاسة ما بين الرئيس التركي عبدالله غول ورئيس الحكومة رجب أردوغان وعمدت إلى إحيائه، ومن هنا نجد أن الخلاف على السياسة الخارجية للبلاد والصراع على الرئاسة طفحا على السطح وأنتجا سياسة جديدة تتسم بالتخبط قد تكون هي السبب في الانفتاح التركي الإيراني. أما السبب الآخر، فالحلم التركي بزعامة رجب طيب أردوغان الذي يتجلى في تشكيل منطقة جديدة في الشرق الأوسط تحكمها أحزاب تابعة ل جماعة «الإخوان المسلمين»، فبعد سقوط حكم الإخوان المسلمين بقوة الشارع وانحياز الجيش في مصر، وضياع حلم إخوان سوريا بالوصول إلى السلطة ما بعد سقوط النظام السوري، ووقوف إخوان تونس على عتبة السقوط، وأصبح السيناريو المصري يخيم على سماء الدولة التونسية، جعل من الحلم التركي الذي بدأ يتحقق على أرض الواقع يصبح من الماضي. ومن هذا المنطلق نجد أن الانفتاح التركي الإيراني إنما يأتي في سياق الانتقام خصوصاً أن الدولة الإيرانية لديها مطامع وتسعى للهيمنة على الدول العربية. ولعل ما يرجح كفة أن الانتقام هو السبب في الانفتاح التركي الإيراني ما قامت به تركيا اتجاه الثورة أو الأزمة السورية، فالدولة التركية بزعامة رئيس الحكومة رجب طيب أردوغان التي كان لها الدور الرئيس في تحويل الثورة السورية من إطار السلمية إلى أطار المسلحة، وهي التي أيضاً عمدت إلى تضخيم الحدث والنفخ فيه حتى وصلت إلى ما نراه اليوم من تعقيد للأزمة والوصول بها إلى أفق ضيق بحيث لا يوجد بصيص أمل للخروج من الأزمة الراهنة، أدارت الظهر وانقلبت على الثورة أو الأزمة السورية، كانت البداية بإنشاء مشروع بناء الجدار الحاجز على الحدود السورية التركية وقصف مواقع عدة للجهاديين والتضييق على قيادات المعارضة السورية الموجودة في الداخل التركي، وآخر ذلك كان ما نشرته «العرب الدولية» قبل فترة والمتضمن أن تركيا تسعى إلى تسهيل دخول السلاح إلى الجماعات المنتمية لتنظيم القاعدة داعش وجبهة النصرة بينما تمنع ذلك عن الجيش السوري الحر. الدولة التركية التي انفتحت على العالم العربي في العام 2003 هي تسير الآن في طريق الانغلاق، فهي لم تستطع أن تتواءم مع المنطقة العربية كما هي عليه وسعت إلى تغيير أنظمة بعض الدول العربية لكن ليس للأفضل بل لتطويعها لصالحها والسيطرة عليها، ولكن لكل شيء ثمنه، فالدولة التركية هي الخاسر الوحيد فإن كانت قد نجحت في الجانب الاقتصادي فهي قد فشلت في الجانب السياسي، وهذا الفشل السياسي سينعكس سلباً على النجاح الاقتصادي.