يعيش طلابنا أوضاعاً مادية صعبة جداً؛ سواء منهم طلاب الداخل في الجامعات السعودية، أو الطلاب المبتعثون للدراسة في الخارج. فالطالب الدارس في الأقسام الأدبية بالجامعات السعودية يستلم 850 ريالاً في الشهر، والدارس في الأقسام العلمية 990 ريالاً، وهذا المبلغ الزهيد لا يكاد يغطي احتياجات الطالب المتقشف إلى منتصف الشهر مع تكاثر ما يحتاجه من شراء مراجع وتصوير وملابس وغسيل وبنزين لسيارته إن كان ممن من الله عليهم بامتلاك سيارة وقسط من أجرة سكن مشترك إن لم تتوفر له فرصة في السكن الجامعي وأكل وشرب وسوى ذلك مما يعن له عرضاً في حياته اليومية كزيارة إلى مقهى ولو مرة في الشهر مع صديق أو سداد فاتورة جوال ونحو ذلك؛ فهل ستكفي 850 ريالاً لكل ذلك؟!. لقد خالطت مستويات مختلفة من طلابي في الجامعة وتعرفت على أوضاعهم الصعبة؛ وبخاصة أولئك القادمين من الأرياف أو ممن لا يجدون لهم داعماً يرفدهم بين وقت وآخر بما يساعدهم على الاستمرار في الدراسة والغربة كالأب أو الأخ؛ ولكن هل يسعد الحظ كل الطلاب بآباء أو إخوة قادرين مادياً على إعانتهم في كل شهر بمبلغ يفوق مكافأة الجامعة الزهيدة بضعفين؛ لكي يبقوا على قيد الحياة ومنتظمين في دراستهم؟!. أما من وصل إلى الحرمان من هذه المكافأة الزهيدة بعد أن يتجاوز الوقت المخصص للفصول الثمانية لأي سبب كان؛ فإنه يدخل في دوامة لا نهاية لها بين الجد في استكمال ما تأخر فيه من مواد دراسية والبحث عن طريقة للوفاء بمستلزماته الضرورية الحياتية؛ فأين يمكن أن يتسنى له ذلك؟.. سيقتطع جزءاً كبيراً من وقته للعمل في أي قطاع إن وجد فرصة سانحة للعمل وما أشد ندرتها في هذه السنوات وإن كان ذلك على حساب دراسته وتحصيله الجامعي!. أما الطالب المبتعث؛ سواء في الغرب أو الشرق، في أمريكا أو بريطانيا أو اليابان غيرها؛ فإن معاناته من هزال المكافأة الجامعية أشد وطأة عليه؛ بسبب الغلاء الفاحش في كثير من مدن الاغتراب الدراسي، فلا تسل عن أسعار أجرة استديو صغير -مثلاً- في بوسطن أو نيويورك أو واشنطن أو كالفورنيا أو لندن أو مانشستر أو طوكيو أو سيدني وغيرها من تلك المدن والعواصم الحافلة بالجامعات التي تكتظ بآلاف من طلابنا في ديار الغرب أو الشرق. يستلم الطالب المبتعث -مثلاً- إلى أمريكا 1850 دولاراً، ولو افترضنا أنه وجد استديو صغيراً جدا ب1600 دولار في الشهر، وهذه أقل أجرة يمكن أن يجد بها الطالب المبتعث في معظم الولاياتالأمريكية سكناً صغيراً على هذا النحو بهذا المبلغ ؛ فإنه سيجد أن ما بقي من مكافأته لن يتجاوز 250 دولاراً، فهل ستفي بمتطلباته الكثيرة من أكل وشرب وملابس وغسيل ومواصلات وكتب وفواتير اتصالات وسواها مما تستدعيه ضرورات الحياة اليومية المعروفة؟!. وسيكون الطالب محظوظاً جداً إن كان والده ميسور الحال واقتطع من نفقاته على أسرته ما يغطي حاجة ابنه إلى نهاية الشهر، ولن تقل عن 800 دولار تضاف إلى ما تبقى من مكافأة ابنه الجامعية. لكن؛ هل يتيسر لكل طالب مثل هذا الأب القادر على تغطية النقص الكبير في مكافأة ابنه المبتعث؟. وأمام شح مكافأة طلاب البعثات يجد طلابنا أنفسهم في أوضاع مادية صعبة جداً، بين الحاجة الملحة إلى المال وضغط الالتزامات الدراسية، وهذا الأمر يؤثر تأثيراً كبيراً على مستوى تحصيلهم العلمي. إنني أطمح كما يطمح مئات الآلاف من طلابنا المبتعثين إلى زيادة مكافآتهم إلى ثلاثة آلاف دولار في الشهر وما يعادلها بالجنيه الإسترليني، وإلى زيادة مكافآت طلابنا الدارسين في الجامعات السعودية إلى ألفين وخمسمائة ريال على الأقل للوفاء بالمستلزمات الضرورية التي لابد منها. ونثق في أن معالي وزير التعليم العالي الدكتور خالد العنقري يسعى بجد لإيضاح أحوال طلابنا المادية الصعبة لخادم الحرمين الشريفين -حفظه الله-.