أقامت كلية اللغة العربية بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية محاضرة بعنوان (علاقة اللغة بالهوية.. مقارنة بين الحالة العربية والفرنسية والعبرية) ألقاها الأستاذ الدكتور أحمد درويش أستاذ الأدب المقارن والنقد الأدبي, بالقاعة المدرجة في الدور الثاني بمقر الكلية بالرياض, وقد افتتح فضيلة عميد الكلية الدكتور أحمد العضيب المحاضرة بكلمة أعلن فيها عن افتتاح أنشطة الكلية الثقافية, مؤكداً استمرار هذه الأنشطة الثقافية, وحث الأساتذة على المشاركة فيها, كما بين خلالها أهمية المحاضرة, والقيمة العلمية التي تحويها, منوهاً بالجهود التي يبذلها منسوبو الكلية من أعضاء هيئة التدريس والإداريين, فيما قدم شكره للضيف د.أحمد درويش وللحضور, بعد ذلك استهل المحاضر حديثه بقوله: «يسعى هذا البحث إلى دراسة علاقة التأثير المتبادل بين اللغة والهوية في أشكالها المختلفة إحياء أو إنعاشاً أو إضعافاً، وتنبع الصور المتولدة عن كل علاقة من هذه العلاقات على مختلف مستويات التجربة الحضارية في مجالات مختلفة مثل التعليم والاقتصاد وحالة الروح القومية للأمة وما يترتب عليها من تماسك أو تفكك، وما يؤدي إليه هذا كله من تقدم أو جمود أو تخلف ومن قوة أو ضعف. ويتخذ البحث مجالاً له، التجارب الحية الكبرى في العصر الحديث، عبر القرنين التاسع عشر والعشرين ممثلة في ثلاث لغات، هي العبرية ودورها في إنشاء الوطن القومي لليهود، والفرنسية ودورها في إنعاش المكانة المتميزة لفرنسا بعد سقوط الإمبراطوريات التقليدية إبان حرب السويس، ثم اللغة العربية التي نود الوقوف أمام علاقاتها المضطربة بالهوية في العصر الحديث والآثار المترتبة على ذلك الاضطراب في المجالات المختلفة». وقد أكد د.درويش أثناء حديثه أن اللغة العربية كان لها نصيب من التوسع والانتشار قبل الإسلام حيث قال: «ولقد عرفت العربية موجات الانتشار والتوسع منذ عهد ما قبل الإسلام، حيث تدل كثير من الآثار المتناثرة على نمط من انتشار العربية بدرجة أو بأخرى خارج دائرة الجزيرة العربية، سواء في المناطق الواقعة على تخوم الإمبراطوريتين الكبيرتين للفرس والروم، أو في السواحل الشرقية لأفريقيا، حيث تشكلت إمارات عربية هناك منذ القرن الميلادي الأول في بعض الجزر الساحلية في زنجبار وما حولها، وسجل المؤرخون الإغريق أن ساحل شرق أفريقيا كان يزدحم بالسفن العربية القادمة من شمال أفريقيا، وكان يكثر الاختلاط والتزاوج بين العرب والأفارقة، ولذلك لم يكن من المستبعد مع بدء الدعوة الإسلامية أن يلجأ عرب مكة من المسلمين المضطهدين إلى أصدقائهم في بلاط النجاشي ملك الحبشة (وهو مصطلح كان يطلق على معظم شرق أفريقيا), والحوارات التي تدور بينهم وبين مطارديهم من قريش أمام النجاشي، وتنتهي بأن يحمي الملك وفادتهم، ويمنع تسليمهم, ويتأثر بالقرآن الذي سمعه منهم, هذه الأحداث تدل في مجملها على عدم غرابة العربية في هذه البلاد، إن لم تكن تدل على شيوعها، وليس أقل منها دلالة في الزمن الأكثر قدماً، وفود الأعشى على بلاط كسرى إمبراطور فارس وتغنيه بقصائده هناك، ولا وفود امرئ القيس من قبله على بلاط قيصر إمبراطور الروم طالباً للنجدة والحماية. وفي نهاية المحاضرة أشار الضيف إلى مسألة توطين العلم بقوله: «إن «توطين العلم» هو وحده الذي يستطيع أن يتيح أمام الفرد وأمام الأمة فرصة المشاركة الفعالة في العملية العلمية «إنتاجاً واستهلاكاً»، وهي مرحلة ضرورية لكل الأمم، التي تود أن تشارك في صنع الحضارة الإنسانية أو تنتسب إليها انتساباً فاعلا». وبعد انتهاء الدكتور درويش من إلقاء المحاضرة, فُتح المجال للحضور من المهتمين والمثقفين والأكاديميين للمداخلات التي أدارها الأستاذ الدكتور علي الحمود وكيل كلية اللغة العربية للدراسات العليا.