في كل يوم ينضم لركب الراحلين فقيد ملأ الحزن قلب ذويه ومحبيه، بعدما ترك مكانه ومقامه في دنيا فانية، وحل في رمسه بجوار من سبقوه إلى دور البرزخ وهذه سنّة الله في خلقه يقول الله تبارك وتعالى: {كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ}. فلا مفر ولا مناص، فمن حلّت المنية بساحته فلا أرض تقيه ولا سماء، يقول الباري عزّ وجلّ: {فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ}. فالموت يهدم اللذات ويفرق الجماعات .. يقول الشاعر وقد صدق: الموت بين الناس مشترك لا سوقة يبقى ولا ملك ولعل لكل فرد كما معلوم بداهة أثر وذكرى وبصمة تبقى بعده، توضح لمن لم ير مكانة الفقيد يقول الشاعر: تولى وأبقى بيننا طيب ذكره كباقي ضياء الشمس حين تغيب ففي قبيل أذان العصر من يوم الاثنين الموافق للثاني والعشرين من شهر الله المحرم لهذا العام 1435ه، أفلت شمس الشيخ عبد الله بن عبد الرحمن التريكي (أبو حمد) أحد رجال حريملاء إثر وعكة صحية مفاجئة، والفقيد عهد عنه الخير والترغيب فيه وكرم السجايا وطيب الخصال، عاش محباً لبلدته حريملاء وصار علامة فارقة في استمرار سوق المسحب بحي الديرة القديم بجوار المسجد الجامع منذ أكثر من خمسين سنة، حتى قبيل وفاته (غير آبه بمردود مادي مقابل استمرار نشاط السوق)، فكان مطبقاً لهدي النبي الكريم عليه الصلاة والسلام (رحم الله امرأً سمحاً إذا باع)، علاوة على تمثله للتيسير على المعسر والمحتاج راجياً ثواب الله والدار الآخرة، وبالرغم من انحصار السكان وانتقالهم للمخططات السكنية بحي الحزم، فذلك الشيخ الفاضل يصور الشاعر ما كان عليه: هنيئاً له طاب حياً وميتاً فلم يحتج لتطييب أكفاني فخبر وفاته وقع على كل من له به قرابة ومعرفة مثل الصاعقة وبرحيله نتذكّر قول الشاعر: ولكن الرزية فقد شيخ يحزنُ لموته خلق كثير فالمصلون على جثمانه الطاهر بمسجد الجامع بحي الحزم قد اكتظت به جنبات المسجد، وشيعوه ليوارى الثرى في مقبرة صفية، مهما جاد المداد وجاشت العاطفة، فما مضى من سطور لا يفي الفقيد حقه، ولكننا نهرع للدعاء له بالرحمة والمغفرة والتجاوز، ورفع المنزلة في الفردوس الأعلى، والتعزية لرفيقة دربه أم حمد وأبنائه الأستاذ حمد والأستاذ عبد الرحمن والأستاذ خالد وشقيقاتهم وأرحامهم، وأن يبارك لهم في أعمارهم وأعمالهم إنه سميع مجيب، {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}.