جاءت المستويات الرائعة والنتائج القوية للنصر في الجولات الأحدى عشرة الماضية وتحديدًا أمام الهلال والاتحاد لتؤكد أن الفريق لم يتصدر الدوري ويصل لهذه المرحلة بضربة حظ أو لعوامل ساعدته على أن يكون الأقوى والأجدر من البقية في التربع على الصدارة، وهذا أمرٌ لا يسعد ويبهج مسيريه ومحبيه وجماهيريه فحسب وإنما كل من تهمه مصلحة الكرة السعوديَّة وقوة وتطوّر منافساتها.. نصر اليوم بقتاليته وروحه العالية ونجومه الكبار ورئيسه الفذ ومدرِّبه الداهية وجمهوره الوفي يجسِّد حقيقة أن العمل الجيد لا بُدَّ أن يثمر نجاحًا وتفوقًا وإبداعًا، وأن ما عداه من شكوك واتهامات وتبريرات ما هو إلا أعذار واهية لا طائل منها غير امتصاص غضب الجماهير والبحث عن شماعة مناسبة لتعليق أسباب الفشل عليها، قدمت إدارة الأمير فيصل بن تركي كل عوامل الارتقاء بالفريق المادِّية والإداريَّة والمعنويَّة فتحققت الكثير من أهدافه، هيأت له ظروف وأدوات النجاح وصناعة فريق قادر على إحراز بطولة صعبة شاقة منذ وقت مبكر فكان بمستوى طموح جماهيره وتخطيط وتطلَّع دارته.. تطوّر النصر لم يأت من فراغ بل من خلال جهد وبذل وإنفاق وتضحيات الأمير فيصل هذا الذي عقد العزم منذ أن تولى رئاسته على أن يعيد صياغة فكر وثقافة النادي والتخلص من وصاية وأوهام وخزعبلات الماضي ونجح في تحقيق ذلك بتحمّله وحده المسئولية الكاملة في دعم الفريق وحسم صفقاته والصرف عليه من جيبه الخاص، في ظلِّ غياب الشركة الراعية وعزوف أعضاء الشرف الداعمين.. المتآمرون على العميد في المقابل وعلى النقيض من النصر نجد أن الاتحاد أصبح يعاني من نفس المعضلة التي ورطت النصر كثيرًا في السنوات الأخيرة، تغني بالماضي وبأسماء شرفية انتهت ولا وجود ولا دعم لها، تكتلات وأحزاب وانقسامات إعلاميَّة تحرّكها أطراف تبحث عن مصالحها الشخصيَّة على حساب حاضر ومستقبل العميد.. اللقاء الأخير بين الفريقين كان عنوانًا معبرًا لحجم التناقض والتحوّل بينهما، والأهداف الثلاثة والفارق الكبير في المستوى وبقدر ما ينصف ويثمن تفوق النصر إلا أنّه يكشف الحالة المتردية للاتحاد، وأنه بات اليوم يلعب باجتهادات لمجرد إثبات وجوده، تمامًا مثلما كان النصر في سنوات ما قبل قدوم الأمير فيصل بن تركي، المؤلم بالنسبة للاتحاد ولنا جميعًا هو أن تصل الانفعالات الجماهيرية المتأثرة بالشحن الإعلامي إلى حدِّ الإساءة والاعتداء السافر وغير اللائق على الرئيس المهندس محمد الفايز، وهو بالضبط التصوير الدقيق والأكيد لما يجري في الاتحاد.. جميل لكنه ضعيف! اتصور بعد مضي 11 جولة أن الدوري لم يظهر حتَّى الآن بالشكل الذي يوحي بقوة المنافسة وبأن الفرق الكبيرة ستظهر بمستوياتها المعروفة عنها، فلا فرق الهلال والفتح والشباب والأهلي والاتحاد قادرة على أن تقف في وجه المتصدر النصر، أو حتَّى تقدم شيئًا يليق بها وبأدائها وحضورها في المواسم الأخيرة.. لاحظوا هبوط مستوى الأجانب، فباستثناء نيفيز وايفولو فلا أرى نجومًا عليهم القيمة، كما أنهَّم لا يشكّلون فرقًا ودعمًا وقوة للفرق أكثر من اللاعبين السعوديين، إضافة إلى أننا لم نشاهد مباريات قوية مثيرة ولا نجوم سعوديين صاعدين، كما يحدث في كلِّ موسم، أين الفتح حامل لقب الدوري وبطل السوبر؟ غير النصر المتصدر والتعاون الرابع لم نلمح فريقًا مقنعًا، وما لم يطرأ تغيير في مستويات بعض الفرق وبالذات الكبيرة والجماهيرية منها فإننا بالتأكيد أمام دوري يعد الأضعف في تاريخ المسابقة.. في فترة التنقلات الشتوية القادمة ستكون الفرصة متاحة أمام كثير من الفرق لإجراء تعديلات في قوائم لاعبيها السعوديين وغير السعوديين، وهذا في تقديري ما أتوقعه في الهلال والشباب والأهلي، وساعتها سيكون للدوري شأنٌ آخر وأجواءٌ أخرى ستغيّر الكثير من المراكز والقناعات والقياسات والتحليلات الراهنة.. من الآخر . أعجبني رأي للزميل حمود البقمي يقول فيه: علة الهلال إداريَّة والدليل أنّه أكثر الأندية تغييرًا للمدرِّبين واللاعبين الأجانب والتعاقدات المحليَّة في المواسم الثلاثة الأخيرة.. . وأزيد عليه أنّه لا يملك إداريًّا الفكر والفهم الكروي القادر على حسن اختيار المدرِّبين واللاعبين ومناقشة المدرِّب وتصحيح ومعالجة الأخطاء.. . إلى جانب ما تقدم، ما هو الدور الذي تُؤدِّيه إدارة الهلال، إذا كانت تتفرج على ما يقال ضد الهلال وتكتفي فقط بشكاوى على طريقة الأندية البائسة؟ وطالما أن (الدرعى ترعى) في رياضتنا ولا فيها حسيب ولا رقيب ما الذي يمنعها من أن ترد بالمثل على كلّ من يتهم ويتطاول على كيان هي من تتحمل مسئولية حفظ حقوقه والدفاع عنه؟.. . المعلّق محمد غازي نسي أنّه الاتحاد وكان يظن أن تهوره خلف المايكرفون سيمر مرور الكرام، كما كان يفعل ويفعل غيره ضد الهلال وبعض الأندية المغلوبة على أمرها..! . يستاهل التعاون انضمامه لقائمة الأربعة الكبار، بل ليس مستغربًا ولا مستبعدًا منه وبحنكة إدارته ودعم مجلسه التنفيذي ونجاح مدرِّبه واختياراته للاعبين غير السعودين وتفاعل جماهيره أن يكرّر إنجاز الفتح أو على الأقل التأهل لدوري أبطال آسيا.. . كل شيء في حائل محبط ليس في الرياضة وحدها، وما لم يكن هنالك دعم وتدخل من سمو أمير المنطقة ومساهمة من البنوك والمؤسسات والشركات ورجال الأعمال وتفاعل واهتمام من أعضاء الشرف فلا تنتظروا من الطائي والجبلين والكرة الحائلية عمومًا غير المزيد من التعثر والتدهور والضياع..