التعسف فى استعمال الحق أواستعمال الإنسان لحقه هى:نظرية قانونية معاصرة وجدت جذورها فى الشريعة الإسلامية . وتعنى هذه النظرية أن صاحب الحق سواء كان صاحب منزل أو صاحب عمل أو صاحب سلطة أو موظفاً أوقاضياً أو معلماً ونحو ذلك عليه أن يمارس واجبه أو حقه في حدود مارسم له من أنظمة وتعليمات، وفى حدود ما لا يتنافى مع المنطق والمعقول ولايتجاوز ذلك بما يؤدي للإضرار بالآخرين حيث يعد هذا التجاوز تعسفاً فى استعمال الحق، أى أنه وبمعنى آخر استعمال للحق على وجه غير مشروع. ومن صور تجاوز الشخص أو تعسفه في استعمال الحق ما يلي: * قيام أي إنسان بعمل مشروع بهدف الإضرار بغيره من دون أن يكون له حاجة لهذا المشروع. * أن يعمل الإنسان مشروعاً يعود عليه بمنفعة قليلة لا تتناسب مع إضراره للآخرين. * القيام بإنشاء أى مشروع يهدف لمصلحة غير مشروعة. * القيام باستعمال الحق من دون عمل الاحتياطات اللازمة لحماية الاَخرين. * قيام الزوج بموجب حق القوامة بتجاوز حقوقه المترتبة له على زوجته. * قيام بعض المنتسبين لجهاز الشرطة بإهانة المتهمين بالقول أو بالضرب قبل ثبوت إدانتهم وصدور أحكام قضائية بذلك. * قيام المعلم بتجاوز المنهج المقرر وتزويد طلابه بما ليس له علاقة بمنهجهم. * قيام الطبيب وخاصة في المستشفيات الخاصة بصرف أدوية أو طلب اجراء تحليلات أو إشاعات لا لزوم لها بهدف الربح المادى. * قيام الموظف أو المسئول بطلب معلومات أو وثائق من المراجع قد تكون متوفرة في معاملته أو ملفه، وقد يكون ليس لها حاجة. * قيام القاضي بتأخير قضايا الناس أو التأخر فى إصدار الأحكام بدون أسباب موضوعية. * عدم موافقة المسؤول على نقل الموظف خارج جهته أو إدارته مع أنه يوجد بديل له لكونه من ذوي الكفاءة أو الحيلولة دون ترقية موظف لسبب شخصي أو بسبب تلقي هذا المسؤول معلومات عنه غير صحيحة ممن يتعاملون بالنميمة. والشريعة الإسلامية كما سبق أن ذكرنا سبقت القوانين الوضعية فى إقرار هذه النظرية فقد قال المولى عزَّ وجلَّ {لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ} الأية (25) الحديد. (1) وقد أقرت الشريعة الحقوق للأفراد وأوجبت المحافظة عليها حيث قيدتها بعدم الإضرار بالغير تحت قاعدة (لا ضرر ولا ضرار) وجميعنا نعرف قصة ابن عمرو بن العاص رضى الله عنه عندما ضرب أحد أقباط مصر من دون أسباب قوية مستنداً إلى كون والده والياً لمصروعندما اشتكى القبطى لأمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضى الله عنه أنصفه بعد أن تبين له خطأ ابن عمرو بن العاص. ونخلص مما تقدم إلى أن الإنسان كما هو حريص على استيفاء حقوقه يجب عليه احترام حقوق الآخرين بحيث لا يتجاوز عند استعماله حقوقه الإضرار بالآخرين بأن يوقف استعمال حقه، حيث تبدأ حقوق الآخرين.