تواترت الأنباء الواردة من طهرانوجنيف على حد سواء بأن وزير خارجية إيران جواد ظريف توصل إلى إبرام صفقة بين بلاده ومجموعة 5+1، تتلخص في تجميد تخصيب اليورانيوم الذي أوصلته إيران إلى أكثر من 20 بالمائة واقتصاره على 3.5 بالمائة فقط، مقابل رفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على نظام طهران وإبقاء رأس بشار الأسد...! أما ما علاقة معالجة الملف النووي الإيراني بمصير نظام بشار الأسد، فلذلك قصة وعلاقة بتحركات الأخضر الإبراهيمي الذي استحق لقب (مهندس الصفقات)، حيث مهد بلقاءاته المتعددة بوزيري خارجيتي روسيا وأمريكا لهذه الصفقة، وحديثه الدائم بوجوب مشاركة إيران في مؤتمر جنيف 2 كشف الإشارات الأولى لصفقة معالجة الملف النووي. الإيرانيون يرون أن هذه الصفقة مربحة لهم، بل ومربحة جداً، إذ تحقق رغبتهم الملحة برفع العقوبات الاقتصادية المفروضة على النظام وتخفيف العزلة الدولية مقابل تجميد تخصيب اليورانيوم وخفضه إلى 3.5 بالمائة، وهم في هذه الحالة لا يخسرون شيئاً خصوصاً أن لديهم كمية كبيرة من اليورانيوم المخصب الذي تزيد نسبته على 20 بالمائة، وحتى إذ طُلب منهم نقل الكمية المخصبة فوق هذه النسبة إلى روسيا أو فرنسا فليس من الضرورة أن تُنقل كل الكمية، فهناك أساليب كثيرة لإخفاء كامل الكمية والاكتفاء بتسليم بعضها، ولهم خبرة في ذلك وإن لم يعرفوا ذلك فعليهم الاستعانة بأصدقائهم حكام دمشق الذين نجحوا في إخفاء كميات كبيرة من الأسلحة الكيماوية..!! ثم إن النظام الإيراني لا يخسر شيئاً، إذ ما أتم مثل هذه الصفقة التي تضمن بقاء نظام ملالي طهران وتحصين النظام الطائفي الرديف في دمشق، إذ إن الإيرانيين وبعد أن حصلوا على التقنية النووية (التكنلوجيا) والعلم والخبرة وكمية كبيرة في اليورانيوم المخصب فوق 20 بالمائة يمكنهم أن يؤجلوا مشروعهم النووي العسكري لعامين حتى يلتقطوا الأنفاس ويعيدوا تقوية النظام ويواصلوا تنفيذ مشروعهم التوسعي تجاه الدول العربية، فبعد رفع العقوبات الاقتصادية ستتدفق الأموال التي ستوجه للصرف على المليشيات الطائفية والأحزاب العميلة في الدول العربية المجاورة التي ستوظف ما يردها من أموال لتنفيذ ما يريده نظام ملالي طهران بافتعال مزيد من الاحتراب والفوضى سواء في سورياوالعراق ولبنان وحتى في اليمن والبحرين. وهكذا، فإن صفقة معالجة الملف النووي الإيراني ستكون (هدنة) مؤقتة، إذ إن نظام ملالي طهران يريد تقوية أوراقه الإقليمية بدعمها مالياً والتي ستتحقق بعد رفع العقوبات الاقتصادية التي لن تستفيد منها الشعوب الإيرانية التي سيتواصل حرمانها من عائدات البترول التي ستوجه للصرف على المليشيات والأحزاب الطائفية خارج إيران، وما أن تتقوى إيران إقليمياً وتكسب مزيداً من أوراق الضغط سواء ببقاء رديفها الطائفي في دمشق وتزيد من نفوذها في العراق ولبنان إلا وتعود لتشغيل آليات تحريك الملف النووي الذي لا يضره التجميد عاماً أو عامين طالما أن النظام يمتلك الخبرة والتقنية واليورانيوم المخصب.