مثلما كان متوقعاً، عجزت محادثات بغداد بين مجموعة 5+1 وإيران من التوصل إلى تفاهم لإيجاد حل لمشكلة الملف النووي الإيراني، وسعى الإيرانيون إلى رفع مستوى تخصيب النووي إلى 20 بالمائة، وهي النسبة التي وصلت إليها فعلاً، والتي يحاول الغرب بقيادة أمريكا الحد من خطورتها بتفعيل العقوبات الاقتصادية على نظام طهران، والذي بدأت هذه العقوبات تؤثر عليه بعد أن تقلصت عائداته المالية التي كان يستعملها لتمويل عملياته الإرهابية، وزرع الخلايا المسلحة وعملاء النظام في العديد من الدول وبالذات في الدول العربية المجاورة، كما حاصرت العقوبات والحصار الاقتصادي الأوضاع المعيشية في عموم إيران مما رفع حالة السخط في عموم الإيرانيين، وهذا ما جعل نظام طهران يعرض تقديم تنازلات لمجموعة 5+1 وطرح مقترحات لوقف العقوبات الاقتصادية مقابل السماح بزيارة المفتشين الدوليين للمنشآت النووية الإيرانية، ومراجعة نسب تخصيب اليورانيوم. ممثلو دول 5+1 فوجئوا بالطرح الإيراني الذي عرض وقف التخصيب والتعهد بعدم المضي قدماً في تصنيع الأسلحة النووية مقابل الإقرار بدور إقليمي متميز في المنطقة، والدور الإقليمي المتميز الذي ينشده الإيرانيون هو إطلاق يد إيران وتكريسها كقوة إقليمية رئيسية واحدة، وهو حسب مفهوم نظام ملالي طهران الموافقة على تنفيذ المخططات الإيرانية بجعلها القوة الرئيسية الأساسية في المنطقة، والمهيمنة، بحيث تبسط نفوذها على شرق السويس ووسط آسيا، بحيث تتكون الإمبراطورية الإيرانية ممتدة من سواحل البحر الأبيض المتوسط حتى بحر قزوين، وتتحول الدول العربية في المشرق العربي والخليج العربي إلى ولايات تدور في الفلك الإيراني، مثلما هو الحال الآن في العراق وسوريا ولبنان، وكل هذا يتم بمباركة وموافقة مجموعة 5+1 التي تمثل القوى الكبرى المؤثرة، وموافقة هذه القوى على تكريس نظام ملالي طهران كشرطي للمنطقة لفرض أجندته التي تكرس أطماعه العنصرية والطائفية. وهكذا، فإن الصفقة التي عرضها نظام ملالي طهران على مجموعة 5+1 تتلخص بوقف تخصيب اليورانيوم مقابل إطلاق يد النظام في المنطقة، وهو ما يعني إبعاد الخطر النووي وتكريس الإرهاب الإيراني في المنطقة العربية، وهو ما لا يمكن أن تقبله الدول الغربية؛ لأنه يهدد مصالحها فضلاً عن عدم أحقيتها في إعطاء هذا الحق لنظام يطمع بالتوسع على حساب الآخرين، وخاصة العرب الذين لا يمكن أن يقبلوا أن يخضعوا لإيران أو غير إيران.