يبدو أن طهران باتت تتقن لعبة «اللحظة الأخيرة» في شأن ملفها النووي، بإعلان الرئيس محمود أحمدي نجاد استعداد بلاده لتنفيذ تبادل الوقود النووي، فيما تزايد الحديث عن رغبة الدول الغربية في فرض عقوبات إضافية على إيران. وعلى رغم أن نجاد لم يوضح على أي أساس تستند الموافقة الإيرانية، أي إلى رغبة الدول الغربية التي طرحتها في اجتماع فيينا في تشرين الأول (أكتوبر) الماضي، أو الى الاقتراحات الإيرانية لتنفيذ هذه الصفقة، إلا أن المندوب الإيراني لدى الوكالة الدولية للطاقة الذرية علي أصغر سلطانية شدد على «عزم طهران الراسخ لاعتماد سياسة التعاون، بدل المواجهة»، معتبراً الاقتراح الإيراني «فرصة تاريخية أمام الدول الكبرى لإبداء حسن نيتها، باعتماد سياسة التعاون بدل المواجهة». وفي تصريح يكتنفه الغموض، قال سلطانية إن «اقتراح إيران الذي قدمته في محادثات فيينا حول صفقة تبادل الوقود، ما زال مطروحاً على الطاولة»، ما أثار تساؤلات عدة حول الخطوة التالية للإيرانيين. هل يريدون إبلاغ الوكالة الذرية برغبتهم في تنفيذ الاقتراح الغربي، أو أنهم لا يزالون يبحثون عن طرف ثالث من أجل إتمام هذه الصفقة على أرضه؟ وقالت مصادر مطلعة إن الوفد الأميركي استجاب لرغبة نظيره الإيراني خلال اجتماع فيينا، بإعطاء «ضمان موقّع» من الرئيس الأميركي باراك أوباما، في مقابل «قبول إيران بصفقة تبادل الوقود»، لكن طهران رأت في الاقتراح «التفافاً على إنجازاتها» ومحاولة «لإفراغ مخزونها» من اليورانيوم المخصب. ويبدو واضحاً أن الدول الغربية تعاطت مع الصفقة من جانبها السياسي - الأمني، فيما ركزت إيران على الجوانب الفنية والتجارية، مطالبة بتنفيذ الصفقة الجديدة كما تمت عام 1999، بقيمة خمسة ملايين دولار، عندما اشترت الوقود اللازم من الأرجنتين لتشغيل مفاعل طهران. ووضع مرشد الجمهورية علي خامنئي، بوصفه المسؤول الأول عن الاستراتيجيات العامة للمجلس الأعلى للأمن القومي، ثلاثة شروط لتنفيذ صفقة التبادل: - الأول أن تتم الصفقة في شكل متزامن، من أجل ضمان التنفيذ، على خلفية عدم التزام الدول الغربية بتعهداتها السابقة حيال إيران. - الثاني أن يكون تنفيذ الصفقة على الأراضي الإيرانية، إو إحدى المناطق الحرة الإيرانية. - الثالث أن تنسجم كمية اليورانيوم الإيراني المخصّب المسلمة للغرب، مع كمية اليورانيوم عالي التخصيب المستلمة، بمعنى أن 60 كلغ من اليورانيوم المخصب بنسبة 3.5 في المئة، كافية لإنتاج وقود عالي التخصيب يكفي لمدة 5 سنوات، وليس كما تطالب الدول الغربية ب1200 كلغ من اليورانيوم الإيراني المخصب، أي ما يعادل 75 في المئة من مجموع مخزون طهران من هذه المادة. في غضون ذلك، تراقب إيران عن كثب التجاذب الحاصل بين بكين وواشنطن، على خلفية صفقة السلاح الأميركية لتايوان، لأن ذلك سيساهم في عدم اتفاق الدول الست المعنية بالملف النووي الإيراني، على فرض عقوبات إضافية على طهران.