مقابلة الجمهور، وكسب رضاهم فن لا يجيده إلا من أعطاه الله خلقا حسنا، وشمائل كريمة، وطلاقة وجه، وابتسامة محيا، وحلاوة لسان، وتلك الصفات مجتمعة قل أن توجد في موظف ولاسيما من موظفي الحكومة ولكني وجدتها في أحد رجالات مرور الشمال بالرياض وجدتها في (صالح بن محمد الرشيد) الذي لم أعرفه إلا من اسمه المكتوب في الشريحة المعدنية المعلقة على صدره، جئته لتجديد استمارة سيارة فوجدت فيه الرجل البشوش المتفاني في عمله الذي يخدم كل مراجع، وكأنه أحد أقاربه أو أصدقائه، لقد أنهى كل الاجراءات في دقائق معدودة، وسلمني استمارة السيارة، فشكرته على صنيعه ودعوت له بالتوفيق، وظلت صورته الجميلة تلك راسخة في ذهني، ومرة أخرى ذهبت إلى قسم مرور الشمال لطلب لوحة سيارة بديلة لمفقودة فوجدت الرجل نفسه، ورحب بي وهو لا يعرفني وكأنني من أعز أصدقائه وأنهى الإجراءات اللازمة ثم ودعني بابتسامة جميلة، وبعبارات رائعة تنم عن أدبه الجم وكرم معدنه، فغادرت المكان وأنا أفكر في هذا النموذج الرائع من الرجال الذين يصنعون لأنفسهم ذكرى طيبة لدى مراجعيهم، ويرسمون في مخيلتهم صورة مشرقة تجعلهم يجلونهم ويتحدثون في كل مكان عن سجاياهم الطيبة، وأخلاقهم الفاضلة. إنه نموذج يشرف المكان الذي يعمل فيه ويعطي صورة مثلى للقطاع الذي ينتمي إليه وماذا يضر أولئك الذين وضعوا لقضاء حوائج الناس أن يفعلوا مثل فعله؛ لينالوا ثناء الناس ودعاءهم، وسوف يحسون بالسعادة داخل نفوسهم لأنهم أسعدوا الآخرين وقديما قيل: ((المعروف شيء هين، وجه طليق، وكلام لين)). وإنني لأرجو ممن يتولون أعمالا متصلة بمصالح الناس أن يكونوا مثالا يحتذى في كرم الأخلاق وحسن التعامل، وأن تختار القطاعات التي يتطلب عملها مواجهة الجمهور من يتحلون بالسماحة، وطيب المعشر، والطلاقة في الوجه واللسان؛ حتى تتكرر الصور الرائعة للقائمين بالأعمال سواء كانوا عسكريين أو مدنيين وما أروع أن نقول للمحسن أحسنت؛ ليستمر في إحسانه وعطائه وللمسيء أسأت؛ لينتبه لخطئه ويتقن عمله، ومن هذا المنطلق أشدت بهذا الرجل النموذج مدفوعا بالإعجاب بسلوكه والتقدير لإخلاصه ومؤملا أن نجد أمثاله في كل القطاعات حتى تقضى حوائج المراجعين وترتاح النفوس من المعاناة والله من وراء القصد والهادي إلى سواء السبيل.