غادر دنيانا الفانية شاب تقي نقي، أحبه الناس، وأجمعوا على محبته، وبكاه الجميع وسط أحزان خيمت على قلوبهم؛ لما عرفوا عنه من المصداقية والبر بوالديه واعتنائه بأخيه المقعد وحسن معاملته، وأخلاقه الفاضلة مع معلميه وعارفيه.. إنه الشاب سليمان بن سلوم السلوم - رحمه الله - الذي تعرض لحادث سير، لقي فيه وجه ربه وهو صائم في ذلك اليوم. أبا سلوم، لئن فارقت أحبابك، وحزن عليك صحبك وأصدقاؤك، فقد خرجت من هذه الدنيا لتلقى رباً رحيماً بالعباد، وقد لقيته بصورة راضية مرضية وأنت صائم لله عز وجل: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّة * ارْجِعِي إلى رَبِّكِ رَاضِيَة مَّرْضِيَّة * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}. أيها الشاب النقي.. لا شك أن الحزن يلف قلوب الجميع؛ لأنك ودعت الدنيا في زهرة شبابك، وقد تركت الحياة وفارقتها بصورة تحمل من المفاجأة أبلغها؛ فقد كان هول الصدمة كبيراً على أسرتك ومجتمعك، إلا أن العزاء العظيم في سيرتك الحسنة، وبرِّك بوالديك، وعنايتك بأخيك المقعد، وحرصك على التمسك بأعمال البر والفضيلة، والإجماع على حبك، وفوق هذا وذاك الخاتمة الجميلة، فقد قالوا عنك إنك كنت تهمس بالشهادتين عقب وقوع الحادث المؤلم الذي كانت فيه فاجعة الناس بك، وغير ذلك كانت السبابة في يدك تؤشر بالشهادتين عند تغسيلك. إنها الفضيلة الرائدة، والخصوصية الجميلة التي تؤشر على القبول والرضا بإذن الله تعالى. أيها الشاب النقي: عرفتك كما عرفك الكثيرون طالباً نجيباً، درجت في مراحل التعليم العام من الابتدائية والمتوسطة حتى نهاية المرحلة الثانوية طالباً متميزاً، تسعى للتفوق والتميز، وارتبط معلموك بشخصيتك، يقدرون فيك الحرص الشديد على التميز، مع علوك في التمسك بالأخلاق الفاضلة. وعندما دلفت إلى جامعة القصيم واصلت سعيك إلى التميز مع التمسك بتلابيب الأخلاق الفاضلة ورجاحة عقلك في سن مبكرة، تنم عن الرجولة في صفاتك ومنهجك؛ فأحبك الناس، وصاروا يجعلون من سيرتك المثل والأنموذج لكل الشباب الطامحين إلى العلياء، أولئك الشباب الراغبين في إرضاء والديهم والبر بهم سعياً إلى مرضاة الرب الرحيم. رحم الله الشاب الفقيد سليمان السلوم، وأسكنه فسيح جناته، واجعله ربي شفيعاً لوالديه، وألبس أهله ووالديه ومحبيه لباس الصبر والسلوان. و{إنا لله وإنا إليه راجعون}.