انتقلت إلى رحمة الله تعالى أم صالح السلوم -غفر الله لها- بعد معاناة طويلة مع المرض والتنقل بين المستشفيات والمصحات، ودخلت في الشهور الأخيرة في العناية المركزة حتى ودعت الدنيا وفارقت الحياة, لقد كانت الفقيدة -رحمها الله- من جيل الأتقياء الصالحات اللاتي أدركن الزمن الجميل بجمال طباعه وعاداته. وكانت -رحمها الله- مع مثيلاتها في ذلك الزمن النقي، وقد حرصن فيه على ترابط مجتمعهن على الخير والفضيلة. ودّعت الفقيدة الدنيا وقد تركت جيلا نافعا من الأبناء الذين تسنموا هرم المسؤولية والعطاء، فكان الأستاذ صالح محمد السلوم من معلمي الرعيل الأول الذي تخرج على يديه أجيال كثيرة، ولعل كاتب هذه السطور أحد خريجيه قبل خمسة وأربعين عاما، ثم يأتي من بعده إخوته الأشقاء عبدالله وعبدالرحمن (مدير مكتب وكالة الأنباء السعودية بالقصيم سابقا)، وأحمد وخالد ويوسف وعبدالعزيز وسلوم وشقيقتهم الوحيدة.. إنهم نعم الجيل الصادق النزيه، وقد عرفتهم واقتربت منهم وجالستهم وتحدثت معهم كثيرا, إنهم يمثلون الصورة الزاهية النقية ويعكسون مرحلة مهمة عن والديهم، غفر الله لهم من حيث الصدق والنقاء والفضيلة، وهم بهذه الخصال الحميدة والأخلاق الفاضلة إنما يترسمون منهج والديهم ويحافظون عليه. ودّعت أم صالح السلوم -رحمها الله- الحياة وقد اطمأنت على هذا الجيل الشامخ بالوفاء والعطاء.. لقد سلمت روحها لبارئها بعد رحلة طويلة من الكفاح والمثابرة والجد والعطاء، وقد أضاءت شعلة الخير والمحبة لمن هم حولها، فكان مجتمعها النقي يدرك أن الفضيلة شعار المخلصين، وأن الترابط الاجتماعي نسيج وفاء وتعاطف بين أفراد المجتمع.. كل ذلك حاضر في ذاكرتهم من خلال الفطرة السليمة النقية التي ترسخت في نفوسهم من واقع إحساسهم السليم ونقاء سريرتهم. غفر الله للفقيدة وأسكنها فسيح جناته مع الصديقين والشهداء، وألبس أبناءها الثمانية وابنتها الوحيدة وأبناءهم وذويها لباس الصحة والعافية، وجملهم بالصبر والسكينة وجعلهم ذخرا للدعاء للفقيدة ولوالدهم الراحل من قبل، وجمعهم بهما في جنات النعيم. {إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ}. سليمان بن علي النهابي