أصبحت المعزوفة الدائمة التي نسمعها في المجالس «الزواج بالثانية « فكلما شكا أحدهم من حياته الزوجية نُصح بالزواج من ثانية، وكأن الزوجة الأولى في كل الأحوال والظروف، هي سبب النكد الذي هو فيه، وربما أنها المظلومة في حياتها مع هذا الذي يظهر لجالسيه على أنه «روميو زمانه» وما أكثر ما شهدت النقاش يحتدم حول القضية، ويدخل فيه عنصر التحدي في الإقدام على الزواج من زوجة ثانية، حتى إنه يتم رشق من يعلن عدم رغبته في الزواج من الثانية بالجبن والخوف من الزوجة الأولى، رغم محاولاته إفهامهم بأنه سعيد بحياته، وهذه مصيبة مجالسنا التي ابتليت بمن نصبوا أنفسهم مسشتارين أسريين، وليس لهم من استشارة يكررونها؛ إلا تلك الاستشارة التي يقدمونها بدون مقابل لمن يشكو حياته مع زوجته الأولى «تريد تأديبها يارجال طق بالثانية وتشوف كيف الأمور تتعدل!» والحقيقة إنها نصيحة في كثير من المواقف، لا تكون مناسبة، بل قد يسهم بها هؤلاء المستشارون «الفلتات « في خراب أسر وبيوت، وأنا أكتب لكم هذا الموضوع تذكرت قصة الأعرابي الذي أشير عليه أن يتزوج بالثانية ليذوق لذة السعادة، ويشرب من «العسل» على حد وصف من أغراه، فتزوج بثانية علّه يحظى بالرعاية والحب، فكان نصيبه النكد والهم، فقال الأبيات التالية نصيحة منه لمن «تحدثه نفسه بالزواج بثانية»: تزوجت اثنتين لفرط جهلي بما يشقى به زوج اثنتين فقلت: أصير بينهما خروفاً أنعم بين أكرم نعجتين فصرت كنعجة تضحى وتمسي تداول بين أخبث ذئبتين رضا هذي يهيج سخط هذي فما أعري من إحدى السخطتين وألقى في المعيشة كل ضر كذاك الضر بين الضرتين لهذي ليلة ولتلك أخرى عتاب دائم في الليلتين فإن أحببت أن تبقى كريماً من الخيرات مملوء اليدين فعش عزباً فإن لم تستطعه فضرباً في عراض الجحفلين بقي لي أن أختم بقولي، لا يعني رأيي أنه ليس هناك ظروف كان فيها الزواج بثانية ضرورة، ولا يعني كلامي أنه لايوجد بمن سعد بزواجه الثاني، وفي حالات يوجد تفاهم بين الزوجتين، فأنا لا أعترض على ذلك، فالأصل في الزواج التعدّد، لكن ما قصدته، هي المغامرات الزواجية التي تأتي بدون تخطيط أو هدف، زواج بدون أسباب من باب التقليد وعادة ما تكون نهايتها الفشل والخسارة.