ورثت الأجهزة الأمنية المصرية وضعاً صعباً وشاذاً في شبه جزيرة سيناء المصرية؛ ما صعب عمل هذه الأجهزة، التي بالرغم من اشتراك القوات المسلحة معها في مطاردة الجماعات الإرهابية التي استوطنت المنطقة إلا أن هؤلاء الإرهابيين لا يزالون يقومون بالمبادرة ومهاجمة المراكز الأمنية والعسكرية والكمائن التي نشرتها القوات المسلحة. مراكز الدراسات الأمنية المصرية والدولية والخبراء الأمنيون يقدرون عدد الجماعات الإرهابية بخمسة تنظيمات، جميعها لها ارتباط بصورة أو بأخرى بتنظيم القاعدة الإرهابي. ويُقدر عدد أعضاء هذه المنظمات من سبعة آلاف عنصر إلى اثني عشر ألف عنصر، جميعهم يمتلكون خبرة قتالية تتبع مدرسة قتال العصابات، وأن هذه التنظيمات الإرهابية التي تنتمي جميعاً إلى الجماعات المتطرفة، والتي لا تعترف إلا بتفسيراتها للنصوص الدينية، قد بدأت بالتدفق على شبه جزيرة سيناء بعد انهيار الطوق الأمني الذي فرضته الأجهزة الأمنية في عهد الرئيس حسني مبارك، فبعد ثورة 25 يناير ضعف التركيز الأمني المصري في الجزيرة بعد أن زادت الضغوط الأمنية على الشرطة والأجهزة الأمنية في القاهرة الكبرى ومحافظات الدلتا، وساعد تدهور الأوضاع الأمنية في ليبيا إلى تدفق كميات كبيرة من الأسلحة إلى سيناء، كما فتحت المنظمات الإرهابية طريقاً متصلاً من الصحراء الإفريقية إلى سيناء، يشمل محطات ليبيا وتونس ومالي والجزائر والسودان، مع اختراق الأراضي المصرية؛ ما مكّن عناصر هذه المنظمات ومقاتليها من الوصول إلى سيناء محملين بأسلحة، بعضها أسلحة ثقيلة، لا تستعملها إلا الجيوش، كالصواريخ والمدافع وقذائف الآر بي جي، وأخذت هذه الجماعات تتنامى وتكبر في عهد الرئيس السابق محمد مرسي؛ إذ رغم قصر مدته إلا أن هذه الجماعات الإرهابية المتطرفة وجدت نوعاً من الرعاية والدعم، خاصة بعد تدفق الدعم اللوجستي من الجماعات المماثلة في قطاع غزة؛ إذ نشطت كتائب القسام في سيناء، وبدأت تنسق أعمالها مع المنظمات (الشقيقة) كأجناد القدس، التي نفذت العديد من العمليات ضد المعسكرات والقوات المصرية ومراكز الشرطة، مع سهولة تنقل مقاتلي هذه الجماعات بين قطاع غزة والأماكن الأمنية في سيناء ومدنها (رفح والشيخ زويد والعريش)، ومرونة الحركة والوصول إلى محطات التسلح والتجنيد في شمال إفريقيا والصحراء أدت إلى تواصل مراكز هذه الجماعات، التي أمكنها تكوين قوس إرهابي، يمتد من مالي مروراً بالجزائر وتونس وليبيا والسودان وصولاً إلى سيناء، وهذا ما حوّل سيناء إلى بؤرة خطرة مملوءة بالمقاتلين المزودين بأسلحة نوعية، وهو ما يصعب مهمة الأجهزة والقوات المسلحة المصرية، التي وإن أظهرت قدرة على التصدي لهذا التجمع الإرهابي إلا أنها تحتاج إلى وقت للقضاء على ما ورثته من أعباء تركها لهم نظام محمد مرسي. [email protected]