في الدول الغربيَّة يَتَّفق الأب والأم على تنظيم ميزانية الأسرة منذ بداية العام، ومن ضمنها ادخار جزء من راتبهما للصرف على ميزانية الأسرة طوال العام بما فيها المواسم المرهقة للأسرة، مع تركيزهما على الضروريات وتأجيل الكماليات من المستلزمات. نحن نختلف كثيرًا في طباعنا وعاداتنا وكثيرًا ما تدخل أمور لم تكن في حساب الأسرة من مناسبات اجتماعيَّة وغيرها، مما يُضْطر رب الأسرة في كثير من الحالات إلى الاستدانة من الغير أو اللجوء للقروض البنكية لسد الحاجة. ولو كان مبدأ الادخار فعَّالاً لدينا لانحلت كثيرًا من المشكلات التي تعاني منها الأسر في الصرف على ما تحتاجه (طبعًا كل على حسب دخله). كان الله في عون أرباب الأسر هذا العام، فالمواسم متداخلة ومرهقة لربِّ الأسرة، فبدأت بإجازة الصيف وما تطلبته من شراء هدايا بمناسبة نجاح الأبناء وتفوقهم في مدارسهم، والزواجات والاستعداد لها، تلا ذلك طلبات كثير من الأسر من آبائها بالرغبة في السَّفَر داخل أو خارج المملكة معتقدين بأن الإجازة هي للسفر فقط!!، وفي منتصف الاجازة، دخل موسم الاستعداد والتحضير لشهر رمضان والحاجة إلى توفير جميع المستلزمات المعيشية المكلفة لهذا الشهر، وبعد رمضان أتى العيد والحاجة لشراء مستلزمات العيد والنزول للأسواق، وفي العيد تأتي طلبات الأبناء المستمرة بالرغبة في الترفيه والخروج خارج المنزل، وصادفت هذه السنة أن كانت الإجازة الصيفيَّة متَّصلة مع إجازة العيد فوجدها البعْض فرصة للسفر وزيادة العبء والتكاليف على ربّ الأسرة (المغلوب على أمره) في مصاريف إضافية جديدة، والآن نبدأ في موسم جديد يَتطلَّب ميزانية خاصة للعام الدراسي الجديد وضرورة توفير كافة المتطلبات والمستلزمات المدرسيَّة للأبناء. أكثر من موسم تداخلت مع بعضها البعْض وفي فترة قصيرة هي بِكلِّ تأكيد مرهقة لرب الأسرة القادر فما بالك برب أسرة ميسورة الحال، كثيرون اشتكوا من أوضاعهم الماليَّة وعدم مقدرتهم على التَّعايش مع متطلبات الأسرة والأبناء وبعضهم اضطر للاستدانة لإشباع رغبات أبنائه وأسرته، الظروف تكالبت جميعًا مع ما يحدث من ارتفاع جنوني لأسعار السلع الاستهلاكيَّة والخدمات وجشع من التجار. ما المشكلة، هل هي سوء في تخطيط وبرامج الإجازات لدينا؟ أم خلل في أنماطنا الاستهلاكيَّة والشرائية؟ أم رغبتنا في الاستمرار في حياة البذخ والتبذير وعدم تعلَّمنا من أزمة ارتفاع الأسعار؟ أسئلة كثيرة غير تلك يمكن طرحها، والحل في تصوري، أن نبدأ بالفعل في ترتيب أولوياتنا والتَّخْطِيط المسبق لما نريد عمله خلال الإجازات وبحسب الإمكانات، خصوصًا وأن ما حدث من تداخل لمواسم عديدة هذه السنة سيتكرَّر خلال السنوات العشر القادمة بعد إقرار جداول المدارس والإجازات، كذلك يجب الابتعاد عن الأساليب الارتجالية في إدارة حياتنا والبعد عن الإسراف والتبذير وتعليم أبنائنا الإحساس بقيمة ما يحصل عليه الآباء من دخل وصعوبة الحفاظ عليه في ظلِّ ظروف وأزمات معيشية مستمرة، وأن نُغيِّر من أنماطنا الاستهلاكيَّة، والأهمّ أن نفعل سياسة الادخار ونجعلها جزءًا من تخطيطنا المالي في دائرة الأسرة. [email protected] **** [email protected] sultan_almalik@ تويتر