رفع المشاركون في ندوة «المسلمون في الغرب.. المواطنة والهوية» التي عقدتها رابطة العالم الإسلامي بجنيف الشكر والتقدير للمملكة العربيَّة السعوديَّة، وأشادوا بمبادرة خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود -حفظه الله- للحوار بين أتباع الأديان والثّقافات، منوهين بجهوده -رعاه الله- في تأصيل العلاقات الدوليَّة على مفاهيم إنسانيَّة تقوم على أسس الخير والبر والمَحَبَّة والتعاون التي دعت إليها رسالات الله سبحانه وتعالى. كما قدَّموا الشكر والتقدير لسمو ولي العهد الأمين ولسمو النائب الثاني -حفظهما الله- على دعم برامج رابطة العالم الإسلامي وتشجيع العمل الإسلامي الرشيد، ودعوا الله العلي القدير أنْ يُوفِّق الجميع إلى ما يحبّه ويرضاه. وأثنوا في بيانهم الختامي الذي تلاه معالي الأمين المساعد لرابطة العام الإسلامي الدكتور عبدالرحمن الزيد عقب اختتام أعمال الندوة أمس على جهود رابطة العالم الإسلامي تجاه الأقليات المسلمة وشكروها على عقد هذه الندوة، مشيدين بجهود المؤسسة الثقافيَّة الإسلامية في جنيف واهتمامها بشأن الجالية المسلمة في سويسرا وتعاونها مع المؤسسات والمنظمات المعنية باختصاصها، كما أعربوا عن شكرهم للمشرف العام عليها والمدير العام لها أحمد بن محمد البياري والمسؤولين المختصين في سويسرا، خصوصًا مقاطعة جنيف على تعاونهم مع رابطة العالم الإسلامي، والمؤسسة الثقافيَّة الإسلامية في جنيف في عقد هذه الندوة وغيرها من المناسبات. وأكَّد المشاركون أهمية أن تُعْنى المراكز والجمعيات الإسلامية في أوروبا بتعريف المسلمين في أوروبا بقوانين الدول التي يعيشون فيها التي تحدِّد حقوق المواطن وواجباته والقيام بمناشط تثقيفية بشأن حقوق المواطنة في المجتمع الأوروبي وواجبات المسلم إزاءها، وإعداد مطويات تعريفية تعين الجاليات والأقليات المسلمة في أوروبا على الحصول على الحقِّوق الدينيَّة والمدنية وإعداد دراسات علميَّة لإشاعة الثَّقافة الإسلامية بين أبناء المسلمين في أوروبا وتعريفهم بحضارة الإسلام ومعطياتها العلميَّة والتربويَّة والثقافيَّة وتأثيرها الإيجابيّ في الحضارات الإنسانيَّة مما يعزِّز هويتهم الإسلاميَّة. وطالبوا بوضع خطط عملية لتنمية مواردها المادِّية والبشرية، وإيجاد مشروعات تحقَّق الاكتفاء الذاتي في تمويل هذه المؤسسات وضمان استمرار جهودها في خدمة المسلمين، وصيانة حقوقهم، وحماية أجيالهم من الذوبان. وأيّد المشاركون في الندوة عقد اجتماع تحت مظلة رابطة العالم الإسلامي يجمع خبراء متخصصين ممَّن لهم تجربة في شأن الأقليات المسلمة في أوروبا وذلك لوضع إستراتيجيَّة تتَضمَّن برامج تكاملية وتنسيقية بين المراكز والجهات الإسلامية في أوروبا بما يمكن من تحقيق المواطنة للمسلمين في أوروبا، وتعزيز هويتهم الدينية. ورحبوا باستضافة اللقاء في المشيخة الإسلامية في البوسنة والهرسك وشكروا فضيلة الشيخ حسين كفازوفيتش على ذلك. وأكَّدت الندوة أهمية اهتمام المراكز والمؤسسات الإسلامية في أوروبا بإبراز منهج الإسلام في التعاون بين الأمم والشُّعوب، مشيرة إلى أن الأصل في العلاقة بين المسلمين وغيرهم هو السلم والتعاون على الخير، والتأكيد على أن الإسلام رسالة رحمة للإنسانيَّة جمعاء: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ}. ودعت إلى تعريف المجتمع الأوروبي باهتمام الإسلام بالحوار مع اتباع الأديان، فيما يحقِّق التعاون والتَّعايش وعبادة الله وحده: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئاً وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَاباً مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ }آل عمران64 والتعريف بأن الإسلام يلزم المسلمين بالوفاء بالعهود والعقود {وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ } النحل91 وبيان أن الإسلام لا يميز بين النَّاس بحسب ألوانهم وأجناسهم، فكلهم يعودون إلى أب واحد وأم واحدة، فلا تفاضل أو استعلاء بين الأجناس البشرية: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء}. وأكَّد المشاركون على محاربة الإسلام للإرهاب والتطرف والغلو، وتجريمه قتل النَّفْس البشرية دون حق:{وَلاَ تَقْتُلُواْ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللّهُ إِلاَّ بِالحَقِّ} وبيان خطر التطرف الديني والعنصري والنزاعات التي تدعو إلى عداء المسلمين وتفتري على الإسلام وتشيع مفاهيم مغلوطة عنه للتخويف منه وفق نهج (الإسلاموفوبيا) الذي يعمق العداء الديني ويحث على نشر ثقافة الكراهية والتخويف، مطالبين المؤسسات الدوليَّة وفي مقدَّمتها هيئة الأممالمتحدة بالقيام بواجبها في تجريم الترويج لكراهية الشُّعوب، وإبطال النظريات العنصرية والشُّعوبية الفاسدة التي تحضّ معتنقيها على بغض الآخرين. ودعوا منتديات الحوار ومراكز البحوث إلى الإسهام في مواجهة حملات الإساءة إلى الرموز الدينيَّة الإسلامية تحقيقًا لما توصلت إليه مؤتمرات الحوار وندواته، وحفاظًا على نهج التَّعايش والتعاون بين أتباع الأديان المختلفة في مجالات التنمية العامَّة والسلم الاجتماعي وكذلك دعوة العلماء والمفكِّرين ومؤسسات الإعلام ورجاله إلى إيضاح مفهوم حرية التعبير، وأنَّه لا يعني الإساءة إلى الأديان والمقدسات واستفزاز مشاعر المسلمين، مما يتعارض مع ما جاءت به الرِّسالات الإلهية، وما نصَّت عليه القوانين الدوليَّة ومنظمات حقوق الإنسان التي تمنع التمييز بين البشر والإساءة إلى الأديان. وأكَّدت الندوة حاجة المجتمعات مُتعدِّدة الديانات والثّقافات إلى شراكة عادلة ضمن عقد اجتماعي يتوافق عليه الجميع، ويستثمر اختلاف الرَّؤَى والتوجُّهات في تحقيق تنمية مستدامة يسعد بها الجميع، ودعت إلى التعريف بموقف الإسلام من التَّباين والاختلاف بين الأمم والشُّعوب، وأنَّه آية من آيات الله: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِّلْعَالِمِينَ} الروم22. وأبرزت أهمية ربط الشراكة الوطنيَّة في المجتمعات التي تعيش فيها فئات متباينة بمفاهيم البر والخير وفق ما جاءت به رسالات الله وخاتمتها رسالة الإسلام: {وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ}. ودعت منتديات الحوار إلى الاهتمام بالمشترك الإنساني والوطني، والاستفادة من التَّباين الثقافي بين فئات المجتمع في إثراء مفاهيم العدل والإحسان والتعاون ومنع المظالم والتمييز والتذكير بدعوة الإسلام إلى عدم الإخلال بالتوازن الاجتماعي العادل {إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ} وأنَّه يؤكِّد على العدل بين النَّاس في حال الاختلاف أو العداء: {وَلاَ يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَى أَلاَّ تَعْدِلُواْ اعْدِلُواْ هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى}. كما دعت إلى الاهتمام بالمشتركات الإنسانيَّة في المجتمعات، والتعاون في المجالات الاجتماعيَّة العامَّة كالعدل والسلم، والتضامن في معالجة المشكلات الاجتماعيَّة كالمخدرات والكحول، والحفاظ على كيان الأسرة، ومنع الفساد بأنواعه المختلفة؛ بما يحقِّق التَّعايش والمشاركة في التنمية والإحسان إلى الآخر: {وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}. وشكر المشاركون في الندوة سفير خادم الحرمين الشريفين لدى سويسرا حازم كركتلي على جهوده وتعاونه مع المؤسسة الثقافيَّة الإسلامية في سويسرا وغيرها من المراكز والمؤسسات الإسلاميَّة.