يتفق الفكر الإخواني مع الفكر الشيعي بأحقية الفقيه في الحكم ولذلك فإن مكانة مرشد جماعة الإخوان هي السلطة المطلقة وهي الموجهة الآمرة الناهية، وعليه بدا سقوط مرشد الإخوان في مصر انفراجا حقيقيا للأزمة المصرية وحقنا لدماء الأبرياء الذين اتخذت منهم الجماعة وقودا مجانيا لحرب أهلية تتطلع إليها. وتحلم من خلالها لاستعادة السلطة التي فقدتها لسوء تعاملها معها ولجهلها وتخبطها السياسي، يحاول المتعاطفون التمترس خلف الدين ويصورون هذه الجماعة على أنها مثال ونموذج الدين الخالص ويصورون من يقف ضدها على أنهم مناوئون وكارهون للدين. تتمحور شريعة الإخوان حول السلطة المطلقة وتدغدغ الأحلام الطوباوية المتمثلة بحلم الأمة الواحدة بلا حدود أو مسميات بل دولة تدين للإخوان وتسلم كل ثرواتها وإرثها لهم، وهي بذلك تلغي التاريخ والجغرافيا، وسار على نهجها كثيرون نجدهم بيننا كل يوم يتحدثون عن مصر والحجاز والمغرب والأردن ويمنون النفس بحلم الأمة المزعوم!! هذا الحلم الطوباوي المغالي في مثاليته غرر بكثير من الشباب ودفعت كثير من الدول ثمنا باهظا لانتشار الارهاب بين شبابها وتطرفهم وانقلابهم على فكرة الوطن وظهور مايسمى بالأمميين وهم كثر وخطابهم واضح ومناوئ للوطنية بل ويؤمنون بولاية الفقيه السني وخطابهم مكشوف ومفضوح. ولقد حذرنا من ذلك كثيرا وللأسف ثمة من يصنف خطابنا التحذيري بأنه خطاب استعداء عليهم والحقيقة أنه خطاب يتطلع لحفظ مقدرات الوطن البشرية والمادية والتاريخية ويتوق لبقاء الأمن والاستقرار والإقبال على الآخر بانفتاح وتسامح وعزة وسؤدد. «لقد سمحنا في فترة سابقة - لفكر سيد قطب مرشد جماعة الاخوان وأبوها الروحي بالتمكن من مناهج التعليم الديني وغير الديني، بما يحمل هذا الفكر من حقد وكراهية وتحريض ضد الآخر، وسمحنا له أن ينزع من الوهابية تسامحها وسلميتها فالفكر الوهابي بريء من الدموية والتسييس ، كما يزعم البعض، لكن هذه السمات هي سمات الفكر الإخواني الارهابي الذي نشأ في الأربعينيات. ومن فكر سيد قطب في الخمسينيات وبداية الستينيات. والدليل التاريخي على ذلك يورده النابلسي 2007 من أن «الوهابية» كانت موجودة وسائدة في الجزيرة العربية منذ القرن الثامن عشر؛ أي منذ قرنين ونصف تقريباً، ولم يتمخض عنها الإسلام السياسي الإرهابي، في حين أن الاسلام السياسي الإرهابي تكوّن، وعشش في الرؤوس والصدور، منذ الستينيات من القرن الماضي بعد إعدام سيد قطب عام 1966، وبدأ تطبيقه العملي الإرهابي منذ الثمانينيات من القرن الماضي إلى الآن؛ أي منذ «ربع قرن مضى تقريباً». [email protected] Twitter @OFatemah