عزيزي الناقد ألم تكتف بهذا الزمن الطويل من النوم أم أنها أصابتك حالة أهل الكهف ومهما كان السبب في غيابك المر يطيب لي أن أبعث لك بهذه الرسالة عبر (فضاء) علّها تسقط عليك في ليلة دامسة السواد أو في رابعة النهار فأنت في كليهما نائم ولو قُدر لك أن تستيقظ أو تتحرك ذائقتك التي أعرفها حق المعرفة فلن ترى مما في ذاكرتك عن الشعر شيئًا بل سترى العجب العجاب فمدينة الشعر لم تعد تلك المدينة الحالمة التي تقابل زائرها من خلال البوابات الفخمة التي تزينها قناديل الإضاءة الذهبية وتحف بشوارعها الخضرة الدائمة وقد تهدمت الكثير من أبنيتها المدهشة بتصاميمها النموذجية، وبيت الضيافة الذي كنت تعرفه تحول إلى مشروع استثماري (شقق مفروشة) وحتى الشعر نفسه تحول إلى (دابة) استثمارية بخيسة الثمن يركبها الجاهلون إلى غاياتهم الرديئة. أتمنى ألا تصاب بالصدمة والإحباط حين لا تجد لوحات إرشادية تشير كما عهدت قبل سباتك إلى مكتبة المتنبي أو بشار بن برد أو بن الرومي أو عبد الله بن سبيل أو محمد بن لعبون بل ستجد أن تلك المكتبات بما تضمه من نفائس الشعر وضعت في ركن لا تصل إليه إلا بعد جهد من السؤال لعدد من الموجودين الذين لا تحس تجاههم برابط مودة أو صلة وجدان، فالكل ينظر إليك بشذر مؤذٍ وكأنك جئت لتسألهم حسنة، وحين يخطر لك أن تدخل إلى إحدى المكتبات التي أنشئت في واجهة المدينة الرئيسية تصاب بالحسرة والخذلان من الحالة المزرية التي وصل إليها عشقك الأبدي (الشعر). فعناوين الكتب التي حشيت بما يطلقون عليه شعرًا تعاني حقًا من الهزال والفقر الفكري والتدني الأخلاقي وفقدان القيمة الأدبية وتدرك حينها أنك جزء من مشكلة كبرى يجب أن تكون قائد لواء الإصلاح فيها مهما كلفك الأمر من مشقة فالغاضبون الصامتون من عشاق الشعر ما زالوا بانتظارك فمتى تعود؟ [email protected] تويتر alimufadhi