لا أعتقد أن هناك مشروعا أقيم في مدينة الرياض خلال تاريخها الطويل يحمل أبعادا اقتصادية كما يحمله مشروع مترو الرياض، ولا أعتقد أن هناك فرصة حقيقة لإعادة بناء اقتصاد العاصمة أكبر من فرصة بناء المترو. والجانب أو العائد الاقتصادي لمشروع المترو من وجهة نظري يزيد عن ما ذكرته هيئة تطوير منطقة الرياض أن العائد هو 3 ريالات مقابل كل ريال تم استثماره في المشروع، وإن لم تذكر الهيئة إذا ما كان هذا العائد سنويا أو أنه عائد على مدة المشروع، وبغض النظر عن ما تحمله دراسة الجدوى الاقتصادية عن المشروع، فإن هناك جانبان مهمان لما يمثله المشروع من عوائد أولها هو كما ذكرته الهيئة وهو العائد على الاستثمار في مشروع المترو وهذا من وجهة نظري هي (العائد المباشر) والعائد الثاني هو (العائد غير المباشر) وما يتبع ذلك من الحاجة إلى تأسيس منظور اقتصادي أشمل لمشروع المترو وأرى أن في ذلك فرصة لسمو أمير منطقة الرياض لأخذ العاصمة إلى آفاق جديدة. والجانب الأول من العوائد المباشرة للمشروع هو ما ذكرته الهيئة العليا لتطوير منطقة الرياض عن العائد المادي المباشر على الاستثمار وهو ما تم تقييمه على أنه 3 ريالات مقابل كل ريال يتم استثماره وفق ما ذكره رئيس مركز المشاريع والتخطيط بالهيئة العليا لتطوير مدينة الرياض وذكر كذلك أن ذلك العائد يشمل الجوانب المرورية والاقتصادية والعمرانية والاجتماعية والصحية والبيئية، أي أننا نتحدث عن أكثر من 250 مليار ريال عوائد على الاستثمار، وإن كنت أتمنى أن تتوفر تلك الدراسة بشمل مفصل كونها من وجهة نظري ستعطي المتلقى استيعابا أكبر لما يحمله هذا المشروع النوعي من آثار مباشرة على حياة الناس وكذلك على خزينة الدولة، وكذلك سوف يعطي مؤشرا على العائد المادي المباشر على الاستثمار بغض النظر عن تكلفة الفرص البديلة التي سوف يوفرها المشروع، وهنا أعلم أن هذا المشروع حكومي وهدفه ليس فقط الرباح المادية التي يدرها المشروع كما يعمل به في الاستثمارات التجارية الصرفه، ولكني أرى أن الفكر الحكومي يجب أن يأخذ في عين الاعتبار العائد على الاستثمار لأنه أهم مؤشر على نجاح المشاريع الحكومية، هنا سوف أتوقف لثقتي بأن القائمين على المشروع يعلمون ما أقول وعلى يقين بأنهم أعرف مني بتفاصيلها. الجانب الآخر وهو لب هذا المقال، هو العائد غير المباشر لمشروع المترو، وهو ما أرى فيه فرصة حقيقية لسمو أمير منطقة الرياض لنقل العاصمة اقتصاديا وتأسيس لمفهوم الإدارة الاقتصادية للمدن، وهو المفهوم الذي أثبت نجاحه في كثير من تجارب المدن العالمية ومنها دبي على سبيل المثال لا الحصر. وأعني هنا أن هناك فرصة أمام المسئولين لدارسة النظام الاقتصادي الذي سوف ينتجه مشروع المترو، و نعني بذلك الصناعات والقطاعات التجارية المساندة التي سوف تنتج عن هذا المشروع أو ما يعرف ب Ecosystem الذي سوف يصاحب هذا المشروع، ولعل حجم ونوعية المشروع تعطي مؤشرات مهمة على ما يمكن أن ينتجه من اقتصاد جديد في العاصمة بشكل طبيعي ، فكيف إذا كانت تلك النتائج الاقتصادية تتم من خلال خطة إستراتيجية اقتصادية تنموية شاملة أساسها هذا المشروع. في التفكير البسيط فإننا نأخذ مثالا بسيطا عنه وهو أن هذا المشروع سوف يساهم في تطوير قطاعات في العمل التجاري وفي نفس الوقت سوف يضيف قطاعات تجارية جديدة ومن ذلك القطاع التسويقي الإعلاني في العاصمة وكيف ستكون ردة فعل هذه القطاع على استحداث أدوات تسويقية جديدة تلائم مع التغير في نظام الحياة اليومية للشرائح المستهدفة وهذا بلا شك قطاع حيوي في منظومة اقتصاد العاصمة وفيه فرص استثمارية حقيقة خصوصا للشباب السعودي. أعتقد أن الحاجة والفرصة تاريخية لإمارة منطقة الرياض لتأسيس دائرة للتنمية الاقتصادية في الإمارة ترتبط مباشرة بأمير المنطقة، ويكون عملها الأساسي في نقل اقتصاد العاصمة إلى مجال أرحب يساهم في نهاية المطاف في دعم الاقتصاد الكلي للمملكة. [email protected]