جرائم قتل الأطفال التي اقترفتها عاملات منزليات من جنسيات مختلفة أثارت الفزع في المجتمع السعودي، فمهما كانت الأسباب التي قد تدفع الإنسان للخروج عن طوره وعقله، لا يمكن لأحد أن يتصور قتل طفل بريء حتى لو كان ذلك بدافع الانتقام من سوء معاملة أو غير ذلك. - لكن أن ترتكب قبل أيام عاملة منزلية وافدة تحمل الجنسية الإثيوبية جريمة قتل طفلة بسبب معتقدات وطقوس دينية فذلك أمر مخيف لأنه يحمل دلالات كثيرة مفزعة، ونحن لا ندري حتى الآن ما هي الدوافع الحقيقية التي جعلت تلك العاملة المنزلية ترتكب جريمة شنيعة تقشعر لها الأبدان على النحو الذي حدث، لكن تصريحات والد الطفلة لبعض وسائل الإعلام حملت هذا المعنى صراحة، وهو تنفيذ طقوس دينية فاسدة! - أيضا نحن نعرف حتى من التجارب الشخصية لبعضنا أن بعض العاملات المنزليات مصابات بأمراض نفسية وعصبية قد لا يكون من السهل اكتشافها مسبقاً لكنها تتفجر تحت ضغوط العمل والغربة وطريقة التعامل التي قد تختلف من أسرة إلى أسرة أخرى. وعندما تنفجر هذه الأمراض الكامنة تتصرف العاملة المنزلية بشكل مَرَضي قد يصل إلى حد ارتكاب أعمال شنيعة جداً كالقتل أو صور الاعتداء البدني الأخرى أو ربما الانتحار. - وقد لا توجد مثل هذه المشكلات في أي بلد آخر خارج المنطقة الخليجية وبعض الدول القليلة التي تستقدم العمالة المنزلية من دول تعاني متاعب اقتصادية مزمنة، ففي معظم الدول التي تلجأ فيها بعض الأسر إلى الاستعانة بالعمالة المنزلية تكون تلك العمالة من نفس جنسية البلد. أما في البلدان المتقدمة في اوروبا وأمريكا فظاهرة العمالة المنزلية تكاد تكون غير موجودة، وكل أسرة تعتمد على نفسها في تدبير أمورها المنزلية، وحتى عندما تتم الاستعانة بالعمالة المنزلية يكون ذلك وفق ترتيبات تجعل من عمل هذه الفئة ما يشبه الوظيفة التي تؤدي في أوقات وساعات محددة من اليوم ولا تشمل المبيت لدى الأسرة. - لقد أصبحت العمالة المنزلية بالطريقة المعمول بها لدينا وفي عموم المنطقة الخليجية واقعاً أساسياً يتعايش معه المجتمع كما لو كان ظاهرة طبيعية، والأغرب من هذا هو أن الأمر لم يعد يقتصر على المواطنين فقط، بل حتى بعض المقيمين لدينا من مختلف الجنسيات هم أيضا أصبحوا يستقدمون العمالة المنزلية بالطريقة الخليجية نفسها!! كل ذلك ونحن نجد أنفسنا أمام هجوم متكرر من منظمات حقوق الإنسان العالمية حول طريقة التعامل مع العمالة المنزلية وفق ما يراه مجتمعنا من ضرورة الالتزام بالعادات والتقاليد المحلية!! - نحن، باختصارمجتمع يعيش بطريقة يصعب أن تمضي على الوتيرة القائمة الآن لا يمكن أن نستمر في استقدام نساء فقيرات من بيئات ريفية أفريقية وآسيوية يعشعش فيها الجهل والأمية والأمراض والفقر، ثم نتوقع منهن أن يتأقلمن مع بيئتنا وعاداتنا وتقاليدنا التي تختلف جذرياً ليس فقط عن عادات البيئات الصغيرة التي قدمت منها هؤلاء النسوة ولكن أيضا مع العادات والتقاليد في معظم بيئات الدنيا. - مجتمعاتنا الخليجية ستظل أسيرة مشاكل العمالة المنزلية الوافدة التي اقتحمت علينا بيوتنا وعاشت معنا أدق أسرارنا الحياتية رغم ما ندعيه من محافظة إلى أن نعود إلى ما كنا عليه من اعتماد على الذات وإلى أن يتم ذلك لا مناص من حدوث جرائم القتل وغير القتل بكل أسف! [email protected] ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض **** alawajh@ تويتر