كارثة أن تبلغ الجرأة وانعدام المسؤولية لدى بعض الشباب المنفلتين حداً يصل إلى اختطاف صبي من بين يدي أهله في حديقة عامة تحت تهديد السلاح ومن ثم الهروب به كما لو أنه بضاعة مسروقة من بسطة في الشارع العام!! وكارثة أن يعثر رجال الأمن مع هؤلاء الشباب على أسلحة نارية وحبوب مخدرة بعد إلقاء القبض عليهم!! بل إن الجرأة بلغت بالجناة الملثمين أن قاموا بإطلاق النار على دورية الأمن التي تابعتهم وألقت القبض عليهم! لو جاء هذا الخبر عبر إشاعة على ألسنة الناس لما أمكن تصديقه لأنه يشبه الخيال، لكن الخبر جاء في صحيفة «الجزيرة أون لاين»، ويتضمن تفاصيل عن مكان الحادث ومُلابسات الاعتداء والقبض على الجناة! هذه الفعلة ليست جريمة بحق من تم الاعتداء عليه فقط، ولكنها أيضاً جريمة بحق المجتمع؛ فكيف يأمن الإنسان على نفسه إذا كان هناك أشخاص منفلتون يحملون السلاح ويختطفون الناس من الحدائق العامة؟! قد لا يكون الجناة وقت وقوع الجريمة في حالة عقلية تمكنهم من تمييز الخطأ من الصواب خاصة أن الدورية الأمنية عثرت على حبوب مخدرة معهم، لكن السؤال الذي يتبادر إلى الذهن هو: لو كان الجناة يعرفون أن هناك من سوف يتمكن من القبض عليهم، وأن هناك من سوف يحاكمهم، ومَنْ سوف ينفذ الأحكام، وأن أسماءهم سوف تُعلن للناس بعد ثبوت ارتكابهم للجريمة، تُرى هل كانوا سوف يتجرؤون على تنفيذ أفكارهم الإجرامية؟! لقد نشأنا في مجتمع وادع لم يشهد مثل هذا النوع من الجرائم ولم يسمع بها إلا من خلال وسائل الإعلام عندما كانت تنقل أخبار تلك الجرائم من أماكن وقوعها خارج بلادنا. ولم يكن هذا هو واقع القرى الصغيرة والأرياف فقط لكنه كان أيضاً واقع المدن الكبيرة التي عادة ما يكون سكانها خليطاً غير متجانس من البشر. ثم حدثت بعد ذلك التغيرات الديموغرافية والاقتصادية والإعلامية الكبرى التي عمت جميع أنحاء البلاد، فصرنا نسمع بمثل هذه الحوادث الغريبة التي ظللنا زمناً طويلاً نصفها بأنها «وافدة» إلى مجتمعنا الطيب، وها نحن نرى شبابنا «الطيب» يتورطون في ارتكاب جرائم شنيعة تصل حد اختطاف الناس في الحدائق العامة تحت تهديد السلاح! لاشك أن هذه الكوارث تحتاج إلى معالجات عميقة بمنهجيات تتجاوز الحلول التسكينية وتنفذ إلى معرفة الأسباب والأبعاد التربوية والاجتماعية والثقافية ومن ثم وضع الحلول والمعالجات. وهذا بالطبع لا يقلل من أهمية وضرورة محاكمة الجناة وتطبيق العقوبة العادلة بحقهم في أسرع وقت. [email protected] - - - alawajh@ تويتر ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض