سيحل شهر رمضان الكريم هذا العام في عمق الصيف وسيظل ضيفا لسنوات عديدة قادمة متزامنا مع هذا الفصل ذي الحرارة العالية والجو اللاهب أعان الله الصائمين والقائمين فيه وأعظم لهم الأجر والثواب. ومن وجهة نظر شركة الكهرباء فإن استهلاك الطاقة الكهربائية في شهر رمضان يزداد بما مقداره 30% من نسب الاستهلاك في أي فترة أخرى (مهما تزامن مع فصول باردة أو معتدلة أو حارة) حيث يتعاظم الاستهلاك في هذا الشهر مقارنة ببقية الفصول الأخرى)، ومعنى هذا أن ثمة انقطاعات كهربائية ربما تحدث نتيجة لهذه الزيادة المفرطة في الاستهلاك والهدر الذي يصاحب ذلك أحيانا نتيجة لتشغيل المكيفات واستخدام الإنارة لفترات أطول خلال هذا الشهر الفضيل. ولعل أبلغ ما تخشاه شركات الكهرباء بل وتجاهد أن تتجنبه وتتلافاه هو حدوث انقطاعات في الخدمة الكهربائية يفضي إلى توقفها وحرمان المشتركين منها لما ينجم جراء ذلك من ضيق وتبرم لديهم الأمر الذي سينعكس سلبا بلا شك على سمعة الشركة لدى مشتركيها ويؤثر في وضعها المالي ومركزها الاستثماري. وفي سياق الحديث عن الانقطاعات الكهربائية وما ينجم عنها من معاناة وتكاليف تتراواح بين المشاعر النفسية الحادة المتمثلة في الحرج وعدم الراحة بالنسبة للمستهلك السكني والتي لا يمكن قياسها بمعايير مادية محددة إلى الخسائر المادية الجسيمة التي يمنى بها المستهلك التجاري والمستهلك الصناعي نتيجة لتوقف الأنشطة وتلف المعدات وتعطل الإنتاج عند انقطاع الخدمة الكهربائية وحرمانهم منها. لذا فإن ثمة عوامل قد تحول دون حدوث تلك الانقطاعات وتلافي تبعاتها وآثارها ومنها ما يلي: 1) علينا أن نستهلك هذه الطاقة الحيوية والثمينة بمنتهى التعقل والمبالاة وأن لا نسرف في استخدامها إلى الحدود التي نهانا ربنا تبارك وتعالى أن نقربها حيث بقوله عز من قائل: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلَا تُسْرِفُوا * إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ}الأعراف 31 2) تقوم شركة الكهرباء من جانبها بتقدير الأحمال الكهربائية السنوية في فصول الصيف للسنوات القادمة والذي يتزامن فيها حلول شهر رمضان المبارك تحسبا لزيادة الاستهلاك في هذا الشهر عن غيره من الشهور الأخرى. وعلى هذا الأساس تجهز وتجند ما لديها من إمكانات ومعدات لمجابهة أي زيادة في تلك الأحمال نتيجة للنمو السكاني والتوسع العمراني. 3) لا بد من تنفيذ اللائحة التي أقرها مجلس الوزراء بموجب القرار رقم 27 وتاريخ 15-2-1401ه بشأن قواعد تأمين المصادر الاحتياطية للطاقة الكهربائية والتي اشترطت وجوب تأمين مصادر احتياطية للطاقة الكهربائية في أماكن هامة وحساسة كالمطارات والمستشفيات وبنوك الدم ومستودعات اللقاحات ومراكز الاتصالات الأمنية والحاسب الآلي ومحطات ضخ مياه الشرب والصرف الصحي ومخازن الأغذية المبردة والمثلجة وغيرها من المباني والمنشآت الهامة المماثلة. وأخيراً علينا أن ندرك بأن الكهرباء نعمة من النعم الكثيرة التي أفاء الله بها علينا وأن حياتنا بدونها أضحت أمرا لا يمكن تحمله أو حتى مجرد تصوره، كما أن علينا أيضا أن نعي بأنها تنتج بتكاليف باهظة وتصل إلينا كمستهلكين ومستفيدين سهلة وميسرة، فيجب علينا إذن أن نحرص على حسن استخداماتها وترشيد استهلاكها حتى نحافظ عليها وننعم بمزاياها ومنافعها محققين وممتثلين لقول الرب تبارك وتعالى: {إنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ * وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا} الإسراء 27. أستاذ الهندسة الكهربائية - جامعة الملك سعود