فقدان حزب أو جماعة السلطة ليس نهاية التاريخ، فالذي يزاح عن السلطة بالانتخابات مرجح أن يعود لها، ومن يعزل بالإرادة الشعبية التي تستطيع حشد الملايين من المتظاهرين مؤهل من يحكم بعده أن يلاقي نفس المصير إن هو لم يستوعب الدرس وكرر أخطاء سلفه. هكذا علمنا ودرسنا وهو ما يؤكده التاريخ، إلا أن الإخوان المسلمين وحزب الحرية والعدالة ذراعهم السياسي، وأن نكون دقيقين إن شيوخ الجماعة والحزب والحرس القديم من الإخوان وجميعهم ممن يسمونهم بالقطبيين، لأنهم يتبنون أفكار السيد قطب أحد مفكري الجماعة الراحلين، يرى هذا (الحرس) أنه لا يجب أن يستسلموا للتغيير الذي حصل، والذي طالبت به ملايين الجماهير واستجابت القوات المسلحة لهذه الطلبات فعزلت محمد مرسي وتهاوى حكم جماعة الإخوان المسلمين, ولكن هذه الجماعة تقاوم إرادة الجماهير مدعية بأنها ملتزمة بشرعية صندوق الانتخابات والتي كانت نتيجته مثار شكوك.. المهم شرعية الصندوق أعطت لمحمد مرسي 12.5 مليون صوت في حين (شرعية التظاهرات) التي طالبت بعزل محمد مرسي واستجابت لها القوات المسلحة بلغت 33 مليون متظاهر شملت كل الميادين والمحافظات في مصر. هذا الموقف المتعنت من (شيوخ الإخوان المسلمين) يرى فيه العديد من المراقبين والمحللين السياسيين في مصر وخارجها بأنه بمثابة (صحوة الموت) إذ إن استمرارهم في مواجهة القوات المسلحة والشعب معاً سيقضي عليهم ويعودهم للعمل تحت الأرض بعد أن تؤدي مواجهاتهم مع السلطة الجديدة إلى تفكيك مؤسساتهم المالية والاجتماعية وإنهاء سيطرتهم على المساجد، والزج بقياداتهم في السجون، وهذا ما جعل الكثير من أنصارهم وبالذات من شباب الإخوان المسلمين إلى (شق عصا الطاعة) على الحرس القديم، فقد بدأت تظهر حالات تمرد من الشباب بدأها (أحرار الإخوان المسلمين) وحركة الإصلاحيين التي بدأت في جمع تواقيع للمطالبة بتنحية القيادات الحالية وإتاحة الفرصة للجيل الجديد من الشباب، إذ يرى هؤلاء الشباب بأنه يجب سحب الثقة من القيادات الحالية التي يعتبرونها السبب في إنهاء حكم الإخوان وفشل الرئيس محمد مرسي أمام الرأي العام والشعب المصري، ويفصح هؤلاء الشباب بأن قيادة الإخوان لم تهتم بالشأن المصري وإنها اتجهت لتنفيذ أجندات ليس من الحكمة تفضيلها على حساب حاجة المواطن المصري، وإن الجيل الجديد من شباب الإخوان يضع مصلحة مصر أولاً وبعد أن يحقق متطلبات المجتمع المصري يعمل مع الدول الإسلامية وأبناء الأمة على تحقيق الأهداف الإسلامية التي تحدثت عنها أدبيات الجماعة. هذه الإرهاصات التي بدأت تظهر أولى مؤشراتها في ميدان رابعة العدوية وأمام مقرات الحرس الجمهوري بدأت تقلق الحرس القديم الذي أخذ يصعد من مواجهته للسلطة الجديدة لإشغال قواعد الجماعة، وإبعادها عن تمرد شباب الجماعة. [email protected]