لم استغرب أن تأتي نتيجة الاستفتاء الذي أجرته وزارة التجارة عن مستوى الخدمات التي تقدمها وكالات السيارات بهذا السوء! فالناس يعرفون مستوى تلك الخدمات من واقع التجارب المريرة التي يمرون بها، وهم يعرفون ذلك حتى دونما حاجة لإجراء استبيان من وزارة التجارة. يكفيهم أن يستفتوا أنفسهم. ومع ذلك، فالاستفتاء يأتي بمثابة توثيق مهم، والوزارة تُشكر على ذلك، وتبقى الخطوة الأهم وهي: ماذا تنوي الوزارة فعله لرفع مستوى الخدمات؟ جاءت نتيجة الاستفتاء سلبية، فقد عبّر واحدٌ وستون بالمائة (61 %) من المستهلكين الذين تم استفتاؤهم عن عدم رضاهم عن الخدمات التي تقدمها وكالات السيارات. وهذه النسبة تمثل المتوسط وإلا فإن عدم الرضا من بعض الوكالات بلغ أكثر من اثنين وثمانين بالمائة (82 %)! ومعروف أن وكالات شركات السيارات هي كيانات احتكارية. بعضها احتكارات «كاملة» حيث تتحكم في السوق وكالة واحدة وبعضها احتكارات «قِلَّة» حيث يتحكم في السوق عدد قليل من الوكلاء. ورغم أن الاحتكار سيء على وجه العموم، إلا أن منح الامتياز الاحتكاري لوكيل واحد أو لعدد قليل من الوكلاء يمكن أن يُبَرر ضمن سياقات معينة. وبالنسبة لعملاء تلك الوكالات فإن الحد الأدنى هو أن يحصل العميل على السلعة بسعر معقول وأن يحصل على قطع الغيار عندما يحتاج إليها دون مغالاة في السعر وكذلك الحصول على خدمات ما بعد البيع وهذا هو الأهم بسعر معقول وفي وقت مناسب وأن تكون الخدمة في المستوى الذي يعوض العميل عمّا دفعه من تكاليف. وللأسف، فإن هذا لا يحدث دائماً. فوكالات السيارات التي تلاحق المستهلكين بضوضاء إعلاناتها عبر كل وسائل الدعاية والإعلام لكي تغريه بشراء السلعة تتنكر له في اللحظة التي يحتاج إلى خدماتها! يتحول ذلك اللطف الذي تمارسه مع «العميل المحتمل» قبل الشراء إلى تجهم وعبوس بعد الشراء وبعد أن يقع في الفخ ويصبح عميلاً فعلياً ومغلوباً على أمره! يعرف المستهلكون كم هي طويلة تلك الطوابير التي تتزاحم أمام أقسام الصيانة وتزحف إلى أن يصلها الدور بعد ساعات من الانتظار! ويعرفون كيف تتنصل الوكالات من ضماناتها عندما يتم اكتشاف خلل مصنعي في السيارة لا ذنب للزبون فيه، ويعرف المستهلكون من خبراتهم الطويلة مع وكالات السيارات أن بعضها لا يستجيب ولا ينصف الزبون عندما تحدث مشكلة إلا بعد أن يشتكي الوكالة إلى الشركة الأم أو فرعها في دبي أو في مكان آخر خارج المملكة! لهذا كله ليس غريباً ان تأتي نتيجة استفتاء المستهلكين على هذا النحو من السوء. واعتقد أن القلة القليلة التي عبرت عن رضاها التام والتي بلغت اثنين وربع بالمائة (2.25 %) هي فئة محظوظة حقاً وربما هي لم تحتج إلى خدمات تلك الوكالات، وبالتالي لا تعرف حجم معاناة الناس الذين تدفعهم أقدارهم إلى ان يكونوا بحاجة إلى تلك الخدمات. أما وقد تم الاستفتاء وتبينت نتائجه المخيبة فإن الخطوة الأهم الآن هي ما سوف تضعه وزارة التجارة والصناعة من إجراءات لإصلاح هذا الوضع، علماً بأن ما يسري على وكالات السيارات يسري على كثير من الوكالات الاحتكارية الأخرى للسلع المستوردة من الخارج. [email protected] - - - alawajh@ تويتر ص.ب 105727 - رمز بريدي 11656 - الرياض